مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المسألة العاشرة: أن محمدا ÷ نبي صادق

صفحة 51 - الجزء 1

المسألة العاشرة: أن محمدًا ÷ نبي صادق

  والدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُعْجِزَ الَّذِي هُوَ القُرْآنُ الَّذِي قَدْ ظَهَرَ عَلَى يَدَيْهِ عَقِيبَ دَعْوَى النُّبُوَّةِ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ ضَرُورَةً عِنْدَ كُلِّ مَن بَحَثَ عَن أَخْبَارِ النَّبِيِّ ÷ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّدًا ÷ جَاءَ بِالقُرْآنِ وَتَحَدَّى العَرَبَ الَّذِينَ هُمُ النِّهَايةُ فِي الفَصَاحَةِ أَنْ يَأتُوا بِمِثْلِهِ، أَوْ يَعْتَرِفُوا بِصِدْقِهِ فِيمَا ادَّعَاهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ العَرَبَ لَمْ يَأتُوا بِشَيْءٍ مِمَّا تَحَدَّاهُم بِهِ ÷؛ بَلْ عَدَلُوا إِلَى مُحَارَبَتِهِ لَمَّا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى مُعَارَضَتِهِ؛ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ القُرْآنَ مُعْجِزٌ قَدْ ظَهَرَ عَلَى يَدَيْهِ ÷، وإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ ثَبَتَ صِدْقُ مُحَمَّدٍ ÷ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنَ النُّبُوَّةِ; لأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَاذِبًا لَمَا صَدَّقَهُ اللهُ تَعَالَى بالْمُعْجِزِ الَّذِي هُوَ القُرْآنُ; لأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ تَصْدِيقًا لِلْكَاذِبِ، وَذَلِكَ قَبِيحٌ، وَاللهُ تَعَالَى لَا يَفْعَلُ الْقَبِيحَ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ مَسَائِلِ العَدْلِ؛ فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ ÷، وَوَجَبَ عَلَيْنَا تَصْدِيقَهُ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ بِنُبُوَّةِ الأَنْبِيَاءِ $(⁣١).


(١) ومن خطبة لأمير المؤمنين علي #: (إلى أن بعث الله سبحانه محمدًا رسول الله ÷ ولإنجاز عدته وتمام نبوته، مأخوذًا على النبيئين ميثاقه، مشهورة سماته، كريمًا ميلاده وأهل الأرض يومئذ ملل متفرقة، وأهواء منتشرة، وطوائف مشتتة بين مشبه لله بخلقه أو ملحدٍ في اسمه، أو مشيرًا إلى غيره، فهداهم به من الضلالة، وأنقذهم بمكانه من الجهالة ... إلخ). [نهج البلاغة ص ٢٥/ ١]. =