مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المسألة الأولى: أن الله تعالى عدل حكيم

صفحة 35 - الجزء 1

المسألة الأولى: أن الله تعالى عدل حكيم

  وَحَقِيقَةُ الْعَدْلِ: هُوَ الَّذِي لَا يَفْعَلُ الْقَبِيحَ كَالظُّلْمِ وَالْعَبَثِ وَالْكَذِبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا يُخِلُّ بِالْوَاجِبِ لِلْمُكَلَفِين، وَأَفْعَالُهُ كُلُّهَا حَسَنَةٌ.

  وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اللهَ عَدْلٌ حَكِيمٌ أنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَالِمٌ بِقُبْحِ الْقَبَائِحِ، وَغَنِيٌّ عَنْ فِعْلِهَا، وَعَالِمٌ بِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا وَعَنِ الإِخْلَالِ بِالْوَاجِبِ؛ وَكُلُّ مَنْ عَلِمَ بِقُبْحِ الْقَبَائِحِ، وَاسْتَغْنَى عَنْهَا، فَإِنَّهُ لَا يَفْعَلُ القَبِيحَ وَلَا يَخِلُ بِالوَاجِبِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ فِي الشَّاهِدِ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَعْلَمُ الْعُلَمَاءِ بِقُبْحِ الْقَبَائِحِ، وَأَغْنَى الأَغْنِيَاءِ عَنْ فِعْلِهَا - وَجَبَ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْهَا، فَثَبَتَ أَنَّ اللهََ تَعَالَى عَدْلٌ حَكِيمٌ.

المسألة الثانية: أن أفعال العباد حسنها وقبيحها منهم لا من الله تعالى

  وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنَ اللهِ تَعَالَى لَمْ يَحْسُنْ أَمْرُهُمْ بِالطَّاعَاتِ مِنْهَا، وَلَا نَهْيُهُمْ عَنِ الْمَعَاصِي، كَمَا أَنَّ أَلْوَانَهُمْ وَصُوَرَهُم لَمَّا كَانَتْ خَلْقًا لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِمْ لَمْ يَحْسُنْ أَمْرُهُمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا نَهْيُهُمْ، فَلَمَّا عَلِمْنَا أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَمَرَهُمْ بِالطَّاعَاتِ، وَنَهَاهُمْ عَنِ الْمَعَاصِي، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُمْ مِنْهُمْ لَا مِنْهُ تَعَالَى.