مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المسألة العاشرة: أن الله واحد لا ثاني له في القدم والإلهية

صفحة 31 - الجزء 1

المسألة العاشرة: أن الله واحد لا ثاني له في القدم والإلهية

  وَحَقِيقَةُ الوَاحِدِ: هُوَ الْمُتَفَرِّدُ بِصِفَاتِ الإِلهِيَةِ، وَهِيَ كَوْنُهُ قَادِرًا عَلَى جَمِيعِ أَجْنَاسِ الْمَقْدُورَاتِ، عَالِمًا بِجَمِيعِ أَعْيَانِ الْمَعْلُومَاتِ، حَيًّا قَدِيمًا.

  وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى وَاحِدٌ: أنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ قَدِيمٌ ثَانٍ يُشَارِكُهُ فِي هَذِه ِالصِّفَاتِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا لَوَجَبَ أن يَكُونَ مِثْلًا لَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلًا للهِ تَعَالَى; وَلَوْ كَانَ لَهُ تَعَالَى مِثْلٌ، ثُمَّ قَدَّرْنَا أنَّ أَحَدَهُمَا أَرَادَ إِيجَادَ جِسْمٍ مُتَحَرِّكٍ، وأَرَادَ الآخَرُ إِيجَادَهُ سَاكِنًا، لَمْ يَخْلُ الْحَالُ إِمَّا أَنْ يُوجَدَ مَا أَرَادَاهُ مَعًا، فَيَكُونَ الْجِسْمُ مُتَحَرِّكًا سَاكِنًا، إِمَّا أَنْ يُوجَدَ مُرَادُهُمَا مَعًا، فَيَكُونُ الجِسْمُ مُتَحَرِكًا سَاكِنًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ مُحَالٌ، وَإِمَّا ألَّا يُوجَدَ مُرَادُ أَحَدِهِمَا فَيَحِلُ الجِسْمُ عَن الحَرَكةِ وَالسُّكُونِ مَعًا، وَذَلِكَ مُحَالٌ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَجْزِهِمَا وَذَلِكَ مُحَالٌ أَيضًا، وَإِمَّا أَنْ يُوجَدَ مُرَادُ أَحَدِهِمَا وَلَا يُوجَدَ مُرَادُ الآخَرِ فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى عَجْزِهِ مِنْ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَا أَرَادَهُ وَذَلِكَ مُحَالٌ.

  وَقَدْ أَدَّى إِلَى هَذِهِ الْمُحَالَاتِ الْقَولُ بِالْقَدِيمِ الثَّانِي؛ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِفَسَادِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قُولُهُ تَعَالِى: {قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ١}⁣[الإخلاص]، وقولُهُ تَعَالَى: {وَمَا مِنۡ إِلَٰهٍ إِلَّآ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ}⁣[المائدة: ٧٣]، فَأَخْبَرَ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَخَبَرُهُ تَعَالَى يَجِبُ أنْ