مقدمة التحقيق
مقدمة التحقيق
  الحمدلله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد الأمين وعلى آله الطاهرين، حراس الشريعة، وحماة الدين.
  وبعد: فإن السنة النبوية المطهرة على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأتم السليم، تحتل منزلة عظيمة في التشريع الإسلامي، إذ أنها المصدر الثاني من مصادره، والمنهج السامي من مناهجه.
  ومنذ فجر الإسلام بذل المسلمون جهودهم لاستيعابها، بجميع أنواعها: قولاً، وفعلاً، وتقريراً.
  ومما لا شك فيه أن المنافقين والوضاعين لم يستطيعوا نيل ما يؤملونه من الوضع على رسول الله ÷ في حياته، خوفاً من فضيحتهم، وانكشاف أمرهم.
  فقد كان الرسول ÷ دائم الحث للمسلمين على التثبت والتقيد بما سمعوه منه وتلقوه عنه، حتى أنه قام خطيباً، وقال «من قال علي ما لم أقل، فليبتوأ مقعده من النار»(١) وقال ÷: «نضر الله امرءاً سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع»(٢).
  وأما بعد وفاته ÷ فقد كثرت نسبة الأحاديث إليه وضعاً وتدليساً وتلبيساً على
(١) حديث صحيح، رواه الإمام أبو طالب # في الأمالي: ١١٧، والبخاري: ١/ ١٦٢ فتح، ومسلم برقم (٣، ٤، ٥)، والترمذي برقم (٢٥٩٣) وابن القيم في تهذيبه: ٥/ ٢٤٨، وأورده صاحب اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة عن نحو سبعين صحابياً، وفي بعض ألفاظه (متعمداً)، وبعضها بدون.
(٢) رواه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ)، وأخرجه الترمذي ٥/ ٣٣، وقال: هذا حديث صحيح، وابن ماجة ١/ ٨٥، وغيرهم.