[الصلاة عند القبور]
  الْمُصَلِّي وَالْقِبْلَةِ، فَفِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ(١): أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ÷ قَالَ: «لَا تَجْلِسُوا عَلَى القُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِليْهَا»).
  الْجَوَابُ: أَنَّ مَفَادَ الْحَدِيْثِ - وَهْوَ قولُهُ: «لَا تَجْلِسُوا عَلَى القُبُورِ» - خِلَافُ مُدَّعَاكَ مِنْ أَنَّهَا لَا تُحْتَرَمُ وَلَا تُعَظَّمُ، كَمَا سَيَأْتِي لَكَ تَشْبِيْهُهَا بِمَسْجِدِ الضِّرَارِ، وَقَوْلُكَ: «وَيَجِبُ هَدْمُهَا وَطَمْسُهَا».
  وَأَمَّا قَوْلُكَ: «وَفِي هَذَا إِبْطَالُ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيْهَا لأَجْلِ النَّجَاسَةِ».
  فَالْجَوَابُ: أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لأَجْلِ النَّجَاسَةِ، فَلِمَ لَا يَكُونُ لِجَعْلِهَا قِبْلَةً كَالْوَثَنِ، وَهْوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: «لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ».
  هَذَا وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ هُنَا وَفِيْمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ تَعْلِيْلَ النَّهْيِ بِالْنَّجَاسَةِ لَيْسَ إِلَّا لأَجْلِ الْمُبَاشَرَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَوْ جُعِلَ ذَلِكَ العِلَّة لَكَانَ لِأَجْلِ القُرْبِ مِنْهَا تَنْزِيْهًا وَبُعْدًا، وَلَوْ لَمْ يُبَاشِرْهَا.
  فَيَا سُبْحَانَ اللَّهِ! كَيْفَ يتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لِمَنْ عَلَّلَ بِالنَّجَاسَةِ أَنَّهُ لَا مُبَاشَرَةَ فِي ذَلِكَ، مَعَ أَنَّ الْحَوَائِلَ الْكَثِيْفَةَ مَانِعَةٌ عَنْ ذَلِكَ.
  قَالَ: «وَمِنْهَا أَنَّهُ ÷ لَعَنَ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى عَلَى اتِّخَاذِ قُبُورِ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّ هَذَا لَيْسَ لأَجْلِ النَّجَاسَةِ».
  الْجَوَابُ: نَقُولُ بِمُوْجَبِ مَا ذَكَرْتَ؛ لأَنّ العِلَّةَ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهَا سَابِقًا مِنْ جَعْلِهَا وَثَنًا تُعْبَدُ.
  وَأَيْضًا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا عَلَّلَ بِالنَّجَاسَةِ فِي قُبُورِ الأَنْبِيَاءِ حَتَّى تَنْقُضَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ.
  وَأَيْضًا لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ التَّعْلِيْلِ بِالنَّجَاسَةِ ثُبُوتُ مَا ادَّعَيْتَ، لَمْ لَا يَكُونُ
(١) صحيح مسلم برقم (٢٢٥٠).