الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع والتضليل،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[من تخبطات صاحب الرسالة، والجواب عليه]

صفحة 157 - الجزء 1

  مَا وَرَدَ عَنِ الرَّسُولِ ÷ مِنْ قَصْدِهَا بِالزِّيَارَةِ وَالدُّعَاءِ وَالتِّلَاوَةِ، وَأَمْرِهِ بِإِعْلَامِهَا، وَنَهْيِهِ عَنِ الجُلُوسِ عَلَيْهَا، وَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالخَلَفُ مِنْ تَعْظِيْمِهَا بِذَلِكَ، لَو لَمْ يَكُنْ إِلَّا تَعْظِيْمُ قَبْرِ الرَّسُولِ ÷ الْمُجَمْعِ عَلَيْهِ مِنْ جَمِيْعِ طَوَائِفِ الأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، فَكَيْفَ - يَا لَكَ الوَيْلُ - تَجْعَلُ فَاعِلَ ذَلِكَ مُنَاقِضًا لِمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ÷ مُحَادًّا لِمَا جَاءَ بِهِ، لَقَدْ جِئْتَ شَيئًا فَرِيًّا.

  وَأَمَّا بِنَاءُ المسَاجِدِ وَالتَّسْرِيْجُ فَقَدْ تَقَدَّمَ الكَلَامُ عَلَيْهِ.

  وَأَمَّا قَولُكَ: «إِنَّ فِيْهِ تَضْيِيْعًا لِلْمَالِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ ...» إلخ، فَأَيُّ فَائِدَةٍ أَعْظَمُ مِنَ الإِعَانَةِ عَلَى مَا نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّارِعُ مِنَ التِّلَاوَةِ وَالدُّعَاءِ وَالزِّيَارَةِ.

  وَقَوْلُكَ: «إِنَّ فِي ذَلِكَ إِفْرَاطًا فِي تَعْظِيْمِ القُبُورِ أَشْبَهُ بِتَعْظِيْمِ الأَصْنَامِ»، مُجَازَفَةٌ، كَيْفَ تَجْعَلُ مَا أَقْرَرْتَ بِشَرْعِهِ مِمَّا ذُكِرَ كَفِعْلِ الجَاهِلِيَّةِ؟!.

[من تخبطات صاحب الرسالة، والجواب عليه]

  قَالَ: «وَالَّذِي شَرَعَهُ الرَّسُولُ عِنْدَ زِيَارَةِ القُبُورِ إِنَّمَا هُوَ تَذَكُّرُ الآخِرَةِ، وَالإِحْسَانُ إِلَى الْمَزُورِ بِالدُّعَاءِ وَالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِ وَالاِسْتِغْفَارِ، وَسُؤَالِ العَافِيَةِ، فَيَكُونُ الزَّائِرُ مُحْسِنًا إِلَى نَفْسِهِ وَإِلَى الْمَيِّتِ.

  قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ÷ كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا يَخْرجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى البَقِيْعِ فَيَقُولُ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنينَ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ غَدًا، مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، اللهُمَّ اغْفِرْ لأَهْلِ بَقِيعِ الغَرْقَدِ»، رَوَاهُ مُسْلِمٌ⁣(⁣١).

  وَفِي صَحِيْحِهِ⁣(⁣٢) عَنْهَا أَيْضًا: إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ


(١) صحيح مسلم برقم (٢٢٥٥). ورواه النسائي في (السنن الكبرى) (١/ ٦٥٦)، رقم (٢١٦٦)، وابن حبان (التعليقات الحسان) (٥/ ١٣٠)، رقم (٣١٦٢)، والبيهقي في (السنن الكبرى) (٤/ ٧٩)، والحافظ عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام) (٢/ ٥٤٧)، وغيرهم.

(٢) صحيح مسلم برقم (٢٢٥٦)، ورواه النسائي في (السنن الكبرى) (١/ ٦٥٥)، رقم (٢١٦٤).