[تشبيه صاحب الرسالة المساجد المبنية على القبور بمسجد الضرار، والجواب عليه]
  التَّقْوَى مُؤَسَّسَة، الَّتِي أُجْمِعَ عَلَى احْتِرَامِهَا وَمَنْ فَيْهَا، وَقَدْ شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ زِيَارَتَهَا وَالتِّلَاوَةَ وَالدُّعَاءَ عِنْدَهَا لِأَهْلِهَا وَللزَّائِرِ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِيْنَ كَمَا تَقَدَّمَ الاِحْتِجَاجُ عَلَى ذَلِكَ فِيْمَا أَوْرَدْتَهُ وَغَيْرَهُ، - وَبَيْنَ مَسْجِدِ الضِّرَار الَّذِي أُسِّسَ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ، واتُّخِذَ ضِرَارًا وكُفْرًا وَتَفْرِيْقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِيْنَ، وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
  لَقَدْ ذَهَبَ بِكَ التَّجَارِي كُلَّ مَذْهَب، وَجَمَعْتَ بَيْنَ الْمُتَنَاقِضَاتِ فِي ذَلِكَ الْمَطْلَب، فَكَانَ الأَحَقُّ أَنْ تَقِيْسَهَا عَلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ بِجَامِعِ كَوْنِهَا مِنْ شَعَائِرِ الإِسْلَام، وَمَا قُصِدَ بِهِ إِحْيَاءُ طَاعَةِ ذِي الْجَلَالِ وَالإِكْرَام.
  وَقَدْ تَقَدَّمَ الكَلَامُ فِي اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ عَلَيْهَا، وَمَا الْمُرَادُ بِهِ، وَتَقَدَّمَ الكَلَامُ أَيْضًا فِي بِنَاءِ القِبَابِ وَالاِحْتِجَاجِ عَلَيْهَا، فَلَا وَجْهَ لإِعَادَتِهِ.
  وَإِذَا كَانَتْ مَشْرُوعَةً - كَمَا قَدَّمْنَا - فَلَا وَجْهَ لِهَدْمِهَا.
  قوله: «وَكَذَلِكَ يَجِبُ إِزَالَةُ كُلِّ سِرَاجٍ عَلَى قَبْرٍ وَطَفْيِهِ، فَإِنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ مَلْعُونٌ ...» إلخ.
  قَدْ تَقَدَّمَ الكَلَامُ فِيْهِ وَمَا يَجُوزُ، وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَكَ التَّجَرِّي وَالْمُجَازَفَةُ بِاللَّعْنِ.
  وَطَرِيْقَةُ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ أَنْ لَا يُؤَثِّموا وَلَا يُخَطِّئوا بِمَا لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ الْخَصْمِ مِمَّا الطَّرِيْقُ فِيْهِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ - وَإِنْ صَحَّ عِنْدَهُم -، فَهَذِهِ مُجَازَفَةٌ.
  وَأَمَّا قِيَاسُكَ عَلَى الغَصْبِ فِي وُجُوبِ الْهَدْمِ.
  فَنَقُولُ: أَوَّلًا: لَا نُسَلِّمُ وُجُودَ العِلَّةِ الَّتِي هِيَ المَعْصِيَةُ، ثُمَّ لَوْ سَلَّمْنَا -
= ومنهم: عبد الله بن عُمَرَ، رواه عنه: الطبرانيُّ في (الكبير) (١٢/ ٢٩٤) رقم (١٣١٥٦)، وفي (الأوسط) (١/ ١٩٢) رقم (٦١٠)، و (١/ ٢٢٣) رقم (٧٣٣)، والطحاوي في (شرح مشكل الآثار) (٧/ ٣١٦) رقم (٢٨٧٤).