البساط،

الناصر الحسن بن علي الأطروش (المتوفى: 304 هـ)

13 - مسألة في العلم وجوابها

صفحة 152 - الجزء 1

  ونحن سائلون عن هذا بعينه لنعرفهم أن الشنعة عليهم فيما قالوا به أعظم، والحجة لهم ألزم وبالله أصول وأقول وأستعين.

  يقال لهم: أليس تزعمون أن الله قد أمر الكافر بالإيمان وهو قد علم أنه لايؤمن؟! فإذا قالوا: بلى.

  قيل: فأمره للكافر بذلك أمر له بالخروج عن علمه؟!

  فإن قالوا: لا. ولكن ليوجب عليه الحجة، فكذلك نقول نحن أيضا: إنه قواه على ماأمر به، وإن علم أنه لايفعله ليوجب عليه الحجة؛ لأن المأمور بما هو عنه عاجز ولم يقو عليه مظلوم، ولانقول: إن تقويته إياه على ماأمره به تقوية له على الخروج من علمه، ونقول: وإنه وإن قدر على الإيمان الذي علم الله أنه لايكون منه، فإنه لايكون منه أبدا غير ماعلم ألله أنه يكون منه.

  ويقال لهم: هل يجوز من الكافر الذي قد علم الله أنه لايؤمن وقد أمره بالإيمان أن يؤمن ويرجع عن كفره؟!

  فإن قالوا: لايجوز، فقد زعموا أن الله يأمر عباده بما لايجوز، وهذا خلاف قولهم وقول جميع أهل الإسلام.

  وإن قالوا: بلى قد يجوز أن يؤمن ويرجع عن كفره.

  قيل لهم: فقد أجزتم للكافر الخروج من علم الله، فكذلك يقدر من علم أنه لايؤمن على الإيمان، ولايكون بقدرته على ذلك خارجا من علم الله ولافصل.

  فإن قالوا: إنما قلنا ذلك لأن الله لم يأمر عباده بما لايجوز.

  قلنا: وكذلك نقول نحن: إنه لايأمر عباده بما لايقدرون عليه.