15 - مسألة في المشيئة وجوابها
  بقوله وحملوه على لكنتهم، وذلك ان الله سبحانه قال فيما أنزل من كتابه الحكيم الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه: {إِن هُوَ إِلّا ذِكرٌ لِلعالَمينَ ٢٧ لِمَن شاءَ مِنكُم أَن يَستَقيمَ ٢٨ وَما تَشاءونَ}[التكوير: ٢٧ - ٢٩] الإستقامة بعد الذكر حتى يشاء الله ذلك منكم ويأمركم به.
  وكذلك قوله تعالى ذكره في الآية الأخرى: {إِنَّ هذِهِ تَذكِرَةٌ فَمَن شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبيلًا}[المزمل: ١٩] فدل أيضا بهذه الآية على مشيئة التخلية والإختيار ثم قال: وماتشآون أن تتخذوا إلى ربكم سبيلا بهذه السورة التي هي تذكرة لكم، حتى شاء الله ذلك منكم قبلكم وأمركم به، وهذا فبين لمن لم يطبع على قلبه والحمد لله.
  وقد يجوز أيضا أن يكون جل ذكره أراد بقوله: {وَما تَشاءونَ إِلّا أَن يَشاءَ اللَّهُ}[الإنسان: ٣٠] ماتكونون ممن له مشيئة وإرادة حتى شاء الله ذلك، وكل هذا فخبر صحيح المعنى والله مشكور.
  ويسألون فيقال لهم: أتؤمنون بكل ماشاء الله وأراده؟! فإذا قالوا: نعم.
  قيل لهم: فيلزمكم أن تقولوا: إن الله ثالث ثلاثة وما قالت المجوس من الإثنين، وما قال من جحد الله، لأنهم يزعمون أن كل من قال شيئا من ذلك فبمشيئة الله وإرادته قاله، فيجب أن يكونوا مؤمنين بقول من قال: إن الله ثالث ثلاثة، وقول من كفر بالله.
  وإن قالوا: لانؤمن بكل ماشاء الله وأراد حتما؟! فأنتم إذن كافرون بالإيمان، وجميع طاعة الله و {ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ البَعيدُ}[الحج: ١٢]