البساط،

الناصر الحسن بن علي الأطروش (المتوفى: 304 هـ)

17 - مسألة في القضاء وجوابها

صفحة 163 - الجزء 1

  وقضاء آخر: وهو الأمر من الله لعباده، وقال سبحانه: {وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ}⁣[الإسراء: ٢٣].

  وقضاء آخر: وهو الحكم من الله قال جل ذكره: {إِنَّ رَبَّكَ يَقضي بَينَهُم يَومَ القِيامَةِ فيما كانوا فيهِ يَختَلِفونَ}⁣[يونس: ٩٣] وقال: {إِنِ الحُكمُ إِلّا لِلَّهِ يَقُصُّ الحَقَّ وَهُوَ خَيرُ الفاصِلينَ}⁣[الأنعام: ٥٧].

  فهذه وجوه القضاء في كتاب الله، فنريد أن يعرفها من يريد أن يصرفها على مايليق بالله من العدل والإحسان، وإذا كان جل ذكره قد أخبر عباده أنه يقضي بالحق وامتدح بذلك فقد دلهم أنه لايقضي بالباطل، لأنه لو جاز أن يمتدح أنه يقضي بالحق وهو يقضي بالباطل لجاز أن يمتدح بأنه يقول الحق وهو يقول الباطل، قال جل ذكره: {وَاللَّهُ يَقولُ الحَقَّ وَهُوَ يَهدِي السَّبيلَ}⁣[الأحزاب: ٤] فلما كان امتداحه بأنه يقول الحق دليلا على أنه لايقول الباطل، فالله سبحانه قد قضى ما أمر به من الطاعات، ولم يقض مانهى عنه من عبادة الأصنام وقتل الأنبياء والذين يأمرون بالقسط من الناس.

  ونحن سائلوهم فقائلون لهم: هل أنتم راضون بقضاء الله؟!

  فإن قالوا: نحن راضون بقضاء الله لزمهم أن يكونوا راضين بعبادة الأصنام وشتم ذي الجلال والإكرام، وكل فاحشة نهى الله عنها.

  وإن قالوا: لانرضى بقضاء الله، لزمهم أن يكونوا غير راضين بالتوحيد والإيمان وكل ما أمر به وفعله القدير الرحمن؛ لأنهم يزعمون أن كل ما ذكرناه بقضاء الله وقدره.