وفاة إمام اليمن الإمام الهادي للحق يحيى بن الحسين
  معروفين من خيارهم وصلحائهم فيسألونه العودة إليهم، ويُعلِمُونَه ندمهم على ما فرط منهم، والتوبة والإنابة مما قد أقدموا عليه من ترك طاعته، وأنهم قد تعاقدوا وعاهدوا الله ø على أن يأتمروا بأمره، ويسارعوا إلى نصرته، ويبادروا إلى ما يدعوهم إليه، ويبعثهم عليه، ويندبهم له من مجاهدة الظالمين، ومنابذة الفاسقين.
  ووردت الكتب والرسائل على أبيه وأعمامه يتشفعون بهم في إقناع الإمام للرجوع إلى اليمن.
  فقَدِمَ الوفدُ عليه وهم من بني سعد وبني فُطيمة من خولان وغيرهم، وأدوا إليه ما تحملوا عمن وراءَهم من جماعتهم، وسألوا وتضرعوا وألحوا، وكان قد عزم على رفض الخروج معهم لما قد علمه من قسوة أهل اليمن، وكثرة شرهم، ولكنه رأى النبي ÷ في المنام وهو يقول له: يا يحيى مالك متثاقلاً عن الخروج، انهض ومُرهم أن ينقوا ما على الأرض من الأوساخ، أي من المعاصي والفساد، فعزم على الخروج ولم يرَ أن يتقاعد عنهم ويتأخر عمَا دعوه إليه وبعثوه عليه، فتجهز وخرج في جماعة أهله من بني أبيه وبني عمومته، وعدة من ثقاته وخدمه، وكانوا قرابة خمسين رجلاً.
  وكانت هذه هي الخرجة الثانية التي كانت في عام (٢٨٤) هـ، ووصل إلى صعدة في السادس من شهر صفر من تلك السنة، وكانت في خولان فتنة عظيمة بين بني سعد وبني الربيعة قد فني فيها الرجال، وذهبت الأموال، وقحطت البلاد، وجدبت الأرض، وكانت عداوتُهم قديمة يقتل بعضهم