مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المقدمة

صفحة 10 - الجزء 1

الْمُقَدِّمَةُ

  الحَمْدُ للهِ ذِي الْمَنِّ والإفْضَالِ، الْحَكِيمِ فِي الأفْعَالِ، الصَّادِقِ فِي الأَقْوَالِ، الَّذِي عَصَمَنَا مِنَ الاغْتِرَارِ بأَهْلِ الضَّلَالِ، والانْخِدَاعِ بزَخَارِفِ كُلِّ مُحْتَالٍ، وَوَفَّقَنَا لإِيثَارِ الأَدِلَّةِ والْبَرَاهِينَ عَنْ تَقْلِيدِ الرِّجالِ، وَأَنْقَذَنَا بِمَا أَلْهَمَنَا لَهُ مِنْ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ عَنْ أَدْوَاءِ الْجهْلِ والْجُهَّالِ، وَصَلَواتُهُ عَلَى نَبِيِّهِ الرَّاقِي مِنَ الشَّرَفِ فَوْقَ ذُرْوَةِ الْكَمَالِ، مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَعَلَى آلِهِ خَيْرِ آلِ.

  أَمَّا بَعْدُ، فإِنَّ الْعِلْمَ بِاللهِ تَعَالَى رَأْسُ العُلُومِ⁣(⁣١) وَأَوْلَاهَا بِالإِيثَارِ والتَّقْدِيمِ; لِمَا رَوينَا بالإِسْنَادِ الْمَوْثُوقِ بِهِ إِلَى النَّبِي ÷ أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ عَلِّمْنِي مِنْ غَرائِبِ الْعِلْمِ، فَقَالَ ÷: «وَمَاذَا صَنَعْتَ فِي رَأْسِ الْعِلْمِ حَتَّى تَسْألَنِي عَنْ غرائبِهِ؟» فَقَالَ الرَّجُلُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ ومَا رَأْسُ الْعِلْمِ؟


(١) قال أمير المؤمنين #: (أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده). [نهج البلاغة/١٤/ ١]. وقال الإمام زيد بن علي @: (وللإيمان أولٌ ووسطٌ وآخرٌ، فأول الإيمان: ما كلف الله هذه الأمة من الإيمان والإقرار به وبرسوله ÷ ... إلخ). [مجموع كتب الإمام زيد ص ٣١٨]. وقال الإمام الناصر الأطروش #: (أول العبادة المعرفة بالله تعالى، بأنه خالق لطيف رحيم رازق، وأصل معرفتك بخالقك توحيده وتسبيحه وتبعيده عن أن يكون له شبيه أو ضدٍ أو ند ... إلخ). [البساط ص ٤٥]. وقال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين #: (أول ما يجب على العبد أن يعلم أن الله واحد أحد، صمد، فرد، ليس له شبيه ولا نظير ولا عديل، ولا تدركه الأبصار في الدنيا ولا في الآخرة ... إلخ). [مجموع رسائل الإمام الهادي ص ٥٢].