مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المقدمة

صفحة 11 - الجزء 1

  قَالَ ÷: «مَعْرِفَةُ اللهِ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ» قَالَ: ومَا مَعْرِفَةُ اللهِ حَقَّ مَعْرفتِهِ؟، قَالَ ÷: «أَنْ تَعْرِفَهُ بِلَا مِثْلٍ وَلَا شَبِيهٍ، وَأَنْ تَعْرِفَهُ إِلَهًا وَاحِدًا أوَّلًا آخِرًا ظَاهِرًا بَاطِنًا لا كُفْؤَ لَهُ ولَا مِثْلَ».

  وَقَالَ ÷: «التَّوْحِيدُ ثَمَنُ الجَنَّةِ»، وَقَالَ ÷: «أَفْضَلُ العِلْمِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وأفْضَلُ الدُّعَاءِ الاسْتِغْفَارُ».

  فإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ أفْضَلُ العُلُومِ وَجَبَ عَلَى العَاقِلِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي طَلَبِهِ⁣(⁣١)، لِيَفُوزَ يَومَ الْقِيَامَةِ بِسَبَبِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِي ÷: «اطْلُبُوا الْعِلْمَ وَلَوْ بِالصِّينِ، فإِنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»، و «مَنْ تَرَكَ العِلْمَ مِنْ أجْلِ أَنَّ صَاحِبَهُ فَقِيرٌ أَوْ أصْغَرُ مِنْهُ سِنًّا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».

  فإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أنَّ أَوَّلَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أنْ يَعْرِفَ اللهَ تَعَالَى، وَتَوْحِيدَهُ وَعَدْلَهُ وصِدْقَ وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ.

  وهَذِهَ الْجُمْلةُ تَشْتَمِلُ عَلَى ثَلاثَةِ فُصُولٍ:

  - أَوَّلُها التَّوْحِيدُ.

  - والثَّانِي العَدْلُ.

  - والثَّالِثُ الوَعْدُ وَالوَعِيدُ.

  فَأَمَّا مَسَائِلُ التَّوحِيدِ فَهِي عَشْرٌ:


(١) قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين #: (فواجبٌ على كل بالغ عاقل أن ينظر في نجاته ولن ينتفع ناظر بنظره إلا بسلامة قلبه من الزيغ وطهارته من الهوى وبراءته من إلف العادة التي عليها جرى).