مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المسألة السادسة: أن الله تعالى قديم

صفحة 20 - الجزء 1

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ الله تَعَالَى قَدِيمٌ

  وَحَقِيقَةُ القَدِيمِ: هُوَ الْمَوجُودُ الَّذِي لَا أَوَّلَ لِوُجُودِهِ.

  والدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدِيمٌ أنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أنَّهُ مَوْجُودٌ; لأَنَّهُ أَوْجَدَ العَالَمَ، فَلَوْ كَانَ مَعْدُومًا لَمَا أوْجَدَهُ; لأَنَّ الْمَعْدُومَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ إِيجَادُ شَيْءٍ أَصْلًا، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ.

  وَإِذَا ثَبَتَ أنَّه اللهَ مَوجُودٌ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا; لأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُحْدَثًا لَاحْتَاجَ إِلَى مُحْدِثٍ يُحْدِثُهُ، كَمَا أَنَّ الأَجْسَامَ لَمَّا كَانَتْ مُحْدَثَةً احْتَاجَتْ إِلَى مُحْدِثٍ، فَلَوْ كَانَ اللهُ تَعَالَى يَحْتَاجُ إِلَى مُحْدِثٍ لَكَانَ الكَلامُ فِي مُحْدِثِهِ كَالْكَلامِ فِيهِ، فَإِنِ احْتَاجَ إِلَى مُحْدِثٍ أَدَّى إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ، وذَلِكَ مُحَالٌ، وَإِنِ انْتَهَى الْحَالُ إِلَى الْمُحْدِثٍ لَا يَحْتَاجُ إِلَى


= سميع بصير بجوارح أو بشيء سواه فيكون محدودًا أو يكون معه غيره موجودًا، تعالى الله عن ذلك). [مجموع الإمام القاسم ص ٥٩١].

قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين #: (وهو السميع البصير ليس سمعه غيره ولا بصره سواه، ولا السمع غير البصر، ولا البصر غير السمع، ولا يوصف بسمع كأسماع المخلوقين، ولا ببصر كأبصارهم، تعالى الله عن ذلك ولكنه سميع لا تخفى عليه الأصوات، ولا الكلام ولا اللغات، بصير لا تخفى عليه الأشخاص ولا الصور ولا الهيئات ... إلخ). [المجموعة ص ٨٤].

وقال الإمام الناصر الأطروش #: (مُدَبِّرٌ لا بضمير فكر، سميعٌ بصيرٌ لا بأداة ... إلخ). [البساط ص ٤٦].