متممة الآجرومية،

محمد بن محمد الرعيني (المتوفى: 954 هـ)

[ظن وأخواتها]

صفحة 52 - الجزء 1

  وَقَالَ تَعَالَى: {يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً}⁣[البقرة ١٠٩]، وَقَالَ تَعَالَى: {وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}⁣[النساء ١٢٥]، وَنَحْو: «صَيَّرتُ الطِّينَ خَزَفاً، وقالوا: وَهَبَني اللهُ فِدَاءَكَ».

  واعْلَمْ أنَّ لِأَفْعَالِ هَذَا الْبَابِ ثَلاَثَةَ أَحْكَامٍ:

  الْأَوَّلُ: الْإِعْمَالُ، وَهْوَ الْأَصْلُ، وَهْوَ وَاقِعٌ فِي الْجَمِيعِ.

  الثَّانِي: الْإِلْغَاءُ: وَهْوَ إبْطَالُ الْعَمَلِ لَفْظًا وَمَحَلًّا؛ لِضَعْفِ الْعَامِلِ بِتَوَسُّطِهِ أَو تَأَخُّرِهِ عَنْهُمَا، نَحْو: «زَيْدٌٌ ظننتُ قَائِمٌ» و «زَيدٌ قَائِمٌ ظَنَنْتُ»، وَهْوَ جَائِزٌ لا وَاجِبٌ. وإلغاءُ الْمُتَأَخِّرِ أَقْوَى مِنْ إعْمَالِهِ، والمتوسِّطُ بِالْعَكْسِ، ولا يَجُوزُ إلغاءُ العاملِ الْمُتَقَدِّمِ، نَحْو: «ظننتُ زيداً قائماً»، خِلافاً لِلْكُوفِيِّين.

  الثَّالِثُ: التَّعْلِيقُ: وَهْوَ إبْطَالُ الْعَمَلِ لفظاً لا مَحَلًّا؛ لِمَجِيءِ مَا لَهُ صَدْرُ الْكَلَامِ بَعْدَهُ، وَهْوَ:

  - لَامُ الِابْتِدَاءِ، نَحْو: «ظننتُ لَزيد قائمٌ».

  - و «مَا» النَّافِيَةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ}⁣[الأنبياء ٦٥].

  و «لا» النَّافِيَةُ، نَحْو: «عَلِمْتُ لا زَيدٌ قَائِمٌ وَلَا عَمْرٌو».

  و «إنْ» النَّافِيَةُ، نَحْو: «عَلِمْتُ إنْ زيدٌ قائمٌ».

  - وَهَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ، نَحْو: «عَلِمْت أزيدٌ قائمٌ أَم عَمْرٌو».

  - وَكَوْنُ أَحَدِ الْمَفْعُولَيْنِ اسمَ استفهامٍ، نَحْو: «عَلِمْتُ أَيُّهُمْ أبوكَ؟».

  فَالتَّعْلِيقُ وَاجِبٌ إِذَا وُجِدَ شَيءٌ مِن هَذِه الْمُعَلِّقاتِ. ولا يَدْخُلُ التَّعْلِيقُ ولا الْإِلْغَاءُ فِي شَيْءٍ مِن أَفْعَالِ التَّصْيِيرِ، وَلَا فِي قَلْبِيٍّ جَامِدٍ،