[ظن وأخواتها]
  وَقَالَ تَعَالَى: {يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً}[البقرة ١٠٩]، وَقَالَ تَعَالَى: {وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}[النساء ١٢٥]، وَنَحْو: «صَيَّرتُ الطِّينَ خَزَفاً، وقالوا: وَهَبَني اللهُ فِدَاءَكَ».
  واعْلَمْ أنَّ لِأَفْعَالِ هَذَا الْبَابِ ثَلاَثَةَ أَحْكَامٍ:
  الْأَوَّلُ: الْإِعْمَالُ، وَهْوَ الْأَصْلُ، وَهْوَ وَاقِعٌ فِي الْجَمِيعِ.
  الثَّانِي: الْإِلْغَاءُ: وَهْوَ إبْطَالُ الْعَمَلِ لَفْظًا وَمَحَلًّا؛ لِضَعْفِ الْعَامِلِ بِتَوَسُّطِهِ أَو تَأَخُّرِهِ عَنْهُمَا، نَحْو: «زَيْدٌٌ ظننتُ قَائِمٌ» و «زَيدٌ قَائِمٌ ظَنَنْتُ»، وَهْوَ جَائِزٌ لا وَاجِبٌ. وإلغاءُ الْمُتَأَخِّرِ أَقْوَى مِنْ إعْمَالِهِ، والمتوسِّطُ بِالْعَكْسِ، ولا يَجُوزُ إلغاءُ العاملِ الْمُتَقَدِّمِ، نَحْو: «ظننتُ زيداً قائماً»، خِلافاً لِلْكُوفِيِّين.
  الثَّالِثُ: التَّعْلِيقُ: وَهْوَ إبْطَالُ الْعَمَلِ لفظاً لا مَحَلًّا؛ لِمَجِيءِ مَا لَهُ صَدْرُ الْكَلَامِ بَعْدَهُ، وَهْوَ:
  - لَامُ الِابْتِدَاءِ، نَحْو: «ظننتُ لَزيد قائمٌ».
  - و «مَا» النَّافِيَةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ}[الأنبياء ٦٥].
  و «لا» النَّافِيَةُ، نَحْو: «عَلِمْتُ لا زَيدٌ قَائِمٌ وَلَا عَمْرٌو».
  و «إنْ» النَّافِيَةُ، نَحْو: «عَلِمْتُ إنْ زيدٌ قائمٌ».
  - وَهَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ، نَحْو: «عَلِمْت أزيدٌ قائمٌ أَم عَمْرٌو».
  - وَكَوْنُ أَحَدِ الْمَفْعُولَيْنِ اسمَ استفهامٍ، نَحْو: «عَلِمْتُ أَيُّهُمْ أبوكَ؟».
  فَالتَّعْلِيقُ وَاجِبٌ إِذَا وُجِدَ شَيءٌ مِن هَذِه الْمُعَلِّقاتِ. ولا يَدْخُلُ التَّعْلِيقُ ولا الْإِلْغَاءُ فِي شَيْءٍ مِن أَفْعَالِ التَّصْيِيرِ، وَلَا فِي قَلْبِيٍّ جَامِدٍ،