فصل:
  وَقَدْ يَجِبُ النَّصْبُ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، نَحْو الْمِثَالَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ(١)، وَنَحْوُ: «لَا تَنْهَ عَنِ الْقَبِيحِ وإتيانَهُ(٢)، وَ «مَاتَ زَيْدٌ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ(٣)»، وَقَوْله تَعَالَى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ(٤)}[يونس ٧١].
  وَقَدْ يَتَرَجَّحُ عَلَى الْعَطْفِ، نَحْو: «قُمْتُ وَزَيْدًا(٥)»، وَقَدْ يَتَرَجَّحُ العطفُ عَلَيْه، نَحْوُ الْمِثَالِ الْأَوَّلِ(٦)، وَنَحْوُ: «جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْروٌ»، فَالْعَطْفُ فِيهِمَا وفي ما أشبَهَهُما أَرْجَحُ؛ لأَنَّه الْأَصْلُ.
فَصْلٌ:
  وَأَمَّا المُشَبَّهُ بِالْمَفْعُولِ بِه فَنَحْو: «زَيْدٌ حَسَنٌ وَجْهَهُ» بِنَصْبِ الْوَجْهِ، وَسَيأتي.
(١) وهما: «استوى الماء والخشبة»، و «أنا سائر والنيل». أما الأول فلأن الخشبة غير مشاركة للماء في الاستواء؛ إذ الاستواء هنا بمعنى الارتفاع والاعتلاء، لا بمعنى الاعتدال، الذي هو ضد الاعوجاج.
(٢) بالنصب وجوبا؛ إذ لو جر بالعطف لكان المعنى: لا تنه عن القبيح وعن إتيانه، وهو خلاف المعنى المراد.
(٣) بالنصب؛ لأن العطف يقتضي التشريك في المعنى، وطلوع الشمس لا يقوم به الموت.
(٤) لأن قوله تعالى: {وشركاءكم} لا يجوز عطفه على {أمركم}؛ لأن العطف على نية تكرار العامل، ولا يصح أن يقال: أجمعت شركائي، وإنما يقال: أجمعت أمري وجمعت شركائي، فشركائي منصوب على المعية، والتقدير - والله أعلم -: فأجمعوا أمركم مع شركائكم، أو منصوب بفعل يليق به، والتقدير: فأَجْمِعُوا أَمْرَكم واجْمَعُوا شُرَكَاءَكُم.
(٥) لأن العطف على الضمير المرفوع المتصل بلا فاصل ضعيف.
(٦) وهو «جاء الأمير والجيش».