باب المستثنى
  قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ}[النساء ٦٦].
  وَالْمُرَادُ بِشِبْهِ النَّفْيِ:
  النَّهْيُ، نَحْو: {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتُكَ}(١) [هود ٨١].
  والاستفهامُ، نَحْو: {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ}[الحجر ٥٦].
  وَالنَّصْبُ فِي الْمُسْتَثْنَى الْمُتَّصِل عَرَبيٌّ جَيِّدٌ، قُرِئَ بِهِ فِي السَّبْعِ فِي {قَلِيلٌ} و {امْرَأَتَكَ}.
  وَإِنْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعاً فَالحِجَازِيُّونَ يُوجِبُونَ النَّصْبَ، نَحْوَ: {مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ}[النساء ١٥٧]، وَتَمِيْمٌ يُرَجِّحُونَهُ وَيُجِيزُونَ الْإِتْبَاعَ، نَحْو: «مَا قَامَ الْقَوْمُ إلَّا حماراً وَإِلّا حِمارٌ».
  وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ نَاقِصاً - وَهْوَ الَّذِي لَم يُذْكَرْ فِيْهِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَيُسْمَّى اسْتِثْنَاءً مُفَرَّغًا(٢) - كَانَ الْمُسْتَثْنَى عَلَى حَسَبِ الْعَوَامِلِ، فَيُعْطَى مَا يَسْتَحِقُّهُ لَوْ لَمْ تُوجَدْ «إلَّا»، وَشَرْطُهُ كَوْنُ الْكَلَامِ غَيْرَ إيجَابٍ، نَحْو: «مَا قَامَ إلَّا زيدٌ، وما رَأَيْتُ إلَّا زيداً، وما مَرَرْتُ إلَّا بِزِيدٍ»، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ}[آل عمران ١٤٤]، {وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ}[النساء ١٧١]، {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[العنكبوت ٤٦].
(١) بالرفع في قراءة أبي عمرو وابن كثير.
(٢) سمي استثناء مفرغا لأن العامل الذي قبل إلا قد تفرغ للعمل فيما بعدها.