متممة الآجرومية،

محمد بن محمد الرعيني (المتوفى: 954 هـ)

باب المستثنى

صفحة 67 - الجزء 1

  قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ}⁣[النساء ٦٦].

  وَالْمُرَادُ بِشِبْهِ النَّفْيِ:

  النَّهْيُ، نَحْو: {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتُكَ}⁣(⁣١) [هود ٨١].

  والاستفهامُ، نَحْو: {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ}⁣[الحجر ٥٦].

  وَالنَّصْبُ فِي الْمُسْتَثْنَى الْمُتَّصِل عَرَبيٌّ جَيِّدٌ، قُرِئَ بِهِ فِي السَّبْعِ فِي {قَلِيلٌ} و {امْرَأَتَكَ}.

  وَإِنْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعاً فَالحِجَازِيُّونَ يُوجِبُونَ النَّصْبَ، نَحْوَ: {مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ}⁣[النساء ١٥٧]، وَتَمِيْمٌ يُرَجِّحُونَهُ وَيُجِيزُونَ الْإِتْبَاعَ، نَحْو: «مَا قَامَ الْقَوْمُ إلَّا حماراً وَإِلّا حِمارٌ».

  وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ نَاقِصاً - وَهْوَ الَّذِي لَم يُذْكَرْ فِيْهِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَيُسْمَّى اسْتِثْنَاءً مُفَرَّغًا⁣(⁣٢) - كَانَ الْمُسْتَثْنَى عَلَى حَسَبِ الْعَوَامِلِ، فَيُعْطَى مَا يَسْتَحِقُّهُ لَوْ لَمْ تُوجَدْ «إلَّا»، وَشَرْطُهُ كَوْنُ الْكَلَامِ غَيْرَ إيجَابٍ، نَحْو: «مَا قَامَ إلَّا زيدٌ، وما رَأَيْتُ إلَّا زيداً، وما مَرَرْتُ إلَّا بِزِيدٍ»، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ}⁣[آل عمران ١٤٤]، {وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ}⁣[النساء ١٧١]، {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}⁣[العنكبوت ٤٦].


(١) بالرفع في قراءة أبي عمرو وابن كثير.

(٢) سمي استثناء مفرغا لأن العامل الذي قبل إلا قد تفرغ للعمل فيما بعدها.