درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية،

عبدالله بن محمد بن أبي النجم (المتوفى: 647 هـ)

ذكر وفاته #، وموضع قبره، وبركته

صفحة 153 - الجزء 1

  الظَّالِمِيْنَ وَمُنَابَذَةَ الْفَاسِقِيْنَ، وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ. فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ: بَلْ يُبَلِّغُكَ اللَّهُ أَمَلَكَ، وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ.

  قَالَ مُحَمَّدُ بن يَحْيَى #: وَهُوَ فِيْ خِلاَلِ ذَلِكَ جَالِسٌ لَمْ تَتَغَيَّرْ جَلْسَتُهُ، غَيْرَ أَنَّ الصُّفْرَةَ تَعْتَلِيْهِ قَلِيْلاً قَلِيْلاً، وَهُوَ يَذْكُرُ اللَّهَ وَيُمَجِّدُهُ، ثُمَّ أَدْنَى بِرَأْسِهِ وَخَفِيَ صَوْتُهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بن يَحْيَى فَأَضْجَعَهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ فَارَقَ الْحَيَاةَ | وَرَضِيَ عَنْهُ فَرَفَعَ مُحَمَّدٌ صَوْتَهُ بِـ: لاَ حَوْلَ ولاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيْمِ.

  ثُمَّ قَالَ: مَا أَطْيَبَ رَائِحَتَكَ وَاللَّهِ، وَأَشْبَهَكَ بِرَسُوْلِ اللَّهِ #.

  ثُمَّ شَاعَ مَوْتُ يَحْيَى # فَجَأَرَ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَالنَّحِيْبِ، وَارْتَجَّتِ الْبَلَدَ، وَاسْتَوَى فِيْ الْحُزْنِ عَلَيْهِ عَدُّوُهُ وَصَدِيْقُهُ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَى بَابِ دَارِهِ # فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مُحَمَّدُ بن يَحْيَى # فَوَعَظَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَعَزَّاهُمْ فِيْ الإِمَامِ الْهَادِي إِلَى الْحَقِّ وَعَزَّوْهُ فِيْهِ، وَبَكَى مُحَمَّد بُكَاءً شَدِيْداً، وَقَالَ مُتَمَثِّلاً:

  يَهُوْنُ مَا أَلْقَى مِنَ الْوَجْدِ أَنَّنِي ... مُجَاوِرُهُ فِيْ قَبْرِهِ الْيَوْمَ أَوْ غَدَا

  فَتَكَلَّمَ النَّاسُ مَعَ مُحَمَّدِ بن يَحْيَى # وَقَالُوا: يَا ابْنَ رَسُوْلِ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْتَ مَا شَعَّبَ اللَّهُ بِيَحْيَى # مِنْ شَقِّ الْفِتَنِ، وَأَزَالَ بِبَرَكَتِهِ مِنَ الْمِحَنِ، وَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ نُبَايِعَكَ فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُوْنَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْرِهِ # وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا كَانَ | يَشْتَكِي مِنْكُمْ مِنْ قِلَّةِ الْمُعَاوَنَةِ وَقِلَّةِ الاجْتِمَاعِ لأَوَامِرِ اللَّهِ.

  ثُمَّ أَمَرَ # بِحَفْرِ قَبْرِهِ فِيْ مُؤَخَّرِمُسْجِدِهِ الْجَامِعِ بِلا فَصْلٍ لِمَا قَدْ ظَهَرَ مِنْ بَرَكَةِ ذَلِكَ الْمَكَانِ.