درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية،

عبدالله بن محمد بن أبي النجم (المتوفى: 647 هـ)

منهج أهل البيت $ في الحديث

صفحة 8 - الجزء 1

  ورجل ثالث سمع من رسول الله ÷ شيئاً يأمر به ثم إنه نهى عنه وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.

  وآخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله، مبغض للكذب خوفاً من الله، وتعظيماً لرسول الله ÷، ولم يَهِم⁣(⁣١)، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به على ما سمعه لم يزد فيه، ولم ينقص منه، فهوحفظ الناسخ فعمل به، وحفظ المنسوخ فجنَّب عنه، وعرف الخاص والعام، والمحكم والمتشابه، فوضع كل شئ موضعه.

  وقد كان يكون من رسول الله ÷ الكلام له وجهان: فكلام خاص، وكلام عام، فيسمعه من لايعرف ما عنى الله سبحانه به، ولا ما عنى رسول الله ÷، فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة بمعناه وما قصد به وما خرج من أجله، وليس كل أصحاب رسول الله ÷ من كان يسأله ويستفهمه حتى إن كانوا ليحبون أن يجئ الأعرابي والطارئ، فيسأله # حتى يسمعوا، وكان لا يمر بي من ذلك شئ إلا سألته عنه وحفظته، فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم⁣(⁣٢).

  وهذا المنهج العلوي هو أقدم وثيقة علمية في الفكر الحديثي، ثم سار على نهجه الحسنان @، وذريتهما المباركة، وبذلوا جهوداً عظيمة في خدمة السنة، وتمييز صحيحها من سقيمها، ومقبولها من مردودها، وقاوموا جميع الجبهات المشبوهة، التي اتخذت الإسلام ستاراً، والسنة غطاءاً، لتمرير مخططاتها المشؤومة، وانحرافاتها المذمومة، وما خروج الإمام الحسين بن علي # وحفيده الإمام زيد بن علي # واستشهادهما، إلا أحد الأدلة على ذلك.


(١) لم يخطئ ولم يظن خلاف الواقع.

(٢) نهج البلاغة (٣٢٥ - ٣٢٨) بتحقيق صبحي الصالح.