[الباب الثامن] في ذكر الحج وهو يشتمل على صفة حج إبراهيم الخليل ومحمد المصطفى صلى الله عليهما وعلى آلهما وسلم
  أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا.
  ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُوْلُ اللَّهِ ÷ حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ حِيْنَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ فَصَلَّى الْفَجْرَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقُصْوَى حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَا اللَّهَ ø وَهلَّلَهُ وَكَبَّرَهُ وَوَحَّدَهُ، وَلَمْ يَزَلْ وَاقِفاً حَتَّى أَسْفَر جِدًا.
  ثُمَّ دَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلُ بن الْعَبَّاسِ، وَكَانَ حَسَن الشَّعَرِ أَبْيَض، فَلَمَّا أَنْ دَفَعَ رَسُوْلُ اللَّهِ ÷ مَرَّ بِالظَّعْنِ فَطَفِقَ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ فَوَضَعَ رَسُوْلُ اللَّهِ ÷ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ لِيَنْظُرَ، فَحَوَّلَ رَسُوْلُ اللَّهِ ÷ يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ، حَتَّى أَتَى مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ قَلِيلاً.
  ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيْقَ الْوُسْطَى الَّتِي تُخْرِجُكَ إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، الْحَصَاةُ مِنْهَا مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلاثاً وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا بَقِيَ مِنَ الْبُدْنِ وَأَشْرَكَهُ فِيْ هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِبُضْعَة مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ فَجُعِلَتْ فِى قِدْرٍ، فَطُبِخَتْ فَأَكَلاَ مِنْ لُحُوْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا.
  ثُمَّ أَفَاضَ رَسُوْلُ اللَّهِ ÷ إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُمْ يَسْقُوْنَ عَلَى زَمْزَمٍ، فَقَالَ: «انْزَعُوا يَا بَنِي عَبْد الْمُطَّلِبِ، فَلَوْلاَ أَنْ يَغْلِبَكُم النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ» فَنَاوَلُوْهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ.