الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع والتضليل،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[الكلام على دعاء الموتى]

صفحة 148 - الجزء 1

  وَلَوْ سُلِّمَ كَوْنُهُ ذَرِيْعَةً لِمَنْ لَا يَعْقِلُ فَلَيْسَ كُلُّ ذَرِيْعَةٍ يَجِبُ سَدُّهَا بِتَرْكِهَا، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا}⁣[المائدة]، وَلَمْ يَمْنَعْ مِنَ النِّدَاءِ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.

[الكلام على دعاء الموتى]

  وَأَمَّا قَوْلُهُ: «دُعَاءِ الْمَوْتَى وَاسْتِغَاثَتِهِم»، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِذَوَاتِهِم وَطَلَبِ النَّفْعِ مِنْهُمْ فَلَا شَكَّ فِي قُبْحِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاقِعٍ مِمَّن رَمَيْتَهُم بِهِ، وَإِنْ ظَهَرَ شَيءٌ مِنْ ذَلِكَ أُنْكِرَ عَلَى فَاعِلِهِ.

  وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِلْتَّوَسُّلِ بِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَمَا وَرَدَتْ بِهِ الأَخْبَارُ وَالآثَار.

  وَأَمَّا قَوْلُكَ: «إِنَّ اعْتِقَادَ أَنَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ قُبُورِهِمْ وَالدَّعَاءَ وَالتِّلَاوَةَ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسَاجِدِ مِمَّا هُوَ مُحَادَّةٌ ظَاهِرَةٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ».

  فَالْجَوَابُ: أَمَّا الصَّلَاةُ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا.

  وَأَمَّا الدُّعَاءُ وَالتِّلَاوَةُ، فَإِنْ كَانَ لِلْزِّيَارَةِ فَهْوَ مَشْرُوعٌ غَيْرُ مَمْنُوعٍ، بَلْ فِي الأَخْبَارِ وَالآثَارِ فِي الزِّيَارَةِ وَالدُّعَاءِ مَا يُفِيْدُ أَفْضَلِيَّةَ ذَلِكَ عَلَى فِعْلِهِ فِي الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا كَمَا سَبَقَ الْكَلَامُ فِيْهِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِكَ.

  وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ الزِّيَارَةِ فَلَا دَلِيْلَ عَلَى الْمَنْعِ، بَلْ وَرَدَ فِي البِقَاعِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ⁣(⁣١).

  فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنْ جَعْلِكَ مُعْتِقَدَ ذَلِكَ مُحَادًّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.

  فَهَذَا هُوَ الْخَبْطُ وَالْمُجَازَفَةُ، لَا قُوَّةَ إِلَّا بِالِلَّهِ.


(١) كقوله ÷: «صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ»، وكالذي ورد في فضل الصلاة في مسجد بيت المقدس وقباء، ونحو ذلك.