الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع والتضليل،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[عودة إلى الكلام على سد الذرائع]

صفحة 152 - الجزء 1

[عودة إلى الكلام على سَدِّ الذرائع]

  قَالَ: «وَكُلُّ مَنْ شَمَّ أَدْنَى رَائِحَةٍ مِنَ العِلْمِ وَالفِقْهِ يَعْلَمُ أَنَّ مِنْ أَهَمِّ الأُمُورِ سَدَّ الذَّرِيْعَةِ إِلَى هَذَا الْمَحْذُورِ».

  الْجَوَابُ: يُقَالُ: مَا هَذَا الْمَحْذُورُ الَّذِي أَرَدْتَ سَدَّ ذَرِيْعَتِهِ؟ إِنْ أَرَدْتَ الشِّرْكَ فَلَيْسَ فِي شَيءٍ مِمَّا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مِنَ الزِّيَارَةِ وَالدُّعَاءِ وَالتِّلَاوَةِ ذَرِيْعَةٌ إِلَى ذَلِكَ أَصْلًا.

  وَإِنْ أَرَدْتَ بِالْمَحْذُورِ مَا نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّرْعُ، وَجَرَى عَلَيْهِ أَهْلُ البَيْتِ وَشِيْعَتُهُمْ بِلَا مَنْعٍ، فَيَا عَجَبَاهُ مِنْ تَصْيِيْرِ الْمَعْرُوفِ مَحْذُورًا، وَالْمَشْرُوعِ مُنْكَرًا وَمَحْظُورًا.

  يَا نَاعِيَ الإِسْلامِ قُمْ فَانْعَهُ ... قَدْ مَاتَ عُرْفٌ وَبَدَا مُنْكَرُ⁣(⁣١)

  قَالَ: «ومَنْ جَمَعَ بَيْنَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ÷ فِي القُبُورِ، وَمَا أَمَرَ بِهِ وَمَا نَهَى عَنْهُ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ وَبَيْنَ مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ اليَومَ رَأَى أَحَدَهُمَا مُنَاقِضًا لِلآخَرِ، مُضَادًّا لَهُ بِحَيْثُ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا».

  الْجَوَابُ: قَدْ سَبَقَ الْكَلاَمُ فِيْمَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ ÷ وَنَهَى عَنْهُ.

  وَالْجَمْعُ بَيْنَ مَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ فِي حَالَةٍ مُسْتَحِيْل، فَفِي الْعِبَارَةِ قَلَقٌ.

  وَنَقُولُ: بَلْ إِنَّ مَنْ نَظَرَ فِي مَوَارِدِ الشَّرْعِ، وَمَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ ÷، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّالِحُونَ، وَمَا رَأَىهُ الْمُسْلِمُونَ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ، وَفِيْمَا نَشَأَ لأَهْلِ الأَهْوَاءِ وَالبِدَعِ، وَمَا نَسَبُوهُ إِلَى الْمُوَحِّدِيْن، وَارْتَكَبُوهُ مِنْ تَضْلِيْلِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِيْن - سِيما العِتْرَةَ الهَادِيْن ذُرِّيَّةَ الرَّسُولِ الأَمِيْن - رَأَى أَحَدَهُمَا مُنَافِيًا لِلآخَرِ مُنَاقِضًا لَهُ، فَجَعَلَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ سَفِيْنَةَ النَّجَا، وَحَكَمَ بِأَنَّهُمْ لَمْ


(١) لِعَمَّار بن ياسر رضوان الله تعالى عليهما، انظر: (شرح نهج البلاغة) (٩/ ٥٥)، و (١٢/ ٢٦٦).

وانظر (البدء والتاريخ) للبلخي (٢/ ٢١٢)، ط: (دار الكتب العلمية).