الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع والتضليل،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[من تخبطات صاحب الرسالة، والجواب عليه]

صفحة 159 - الجزء 1

  قَبْرِ النَّبِيِّ ÷(⁣١).

  قَالَ: «وَلَمْ يَفْعَلُوا عِنْدَ القُبُورِ إِلَّا مَا أَذِنَ فِيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ÷ مِنَ السَّلَامِ عَلَى أَصْحَابِهَا، وَالاِسْتِغْفَارِ لَهُمْ، وَالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِم».

  الْجَوَابُ: أَنَّ حَصْرَكَ مَا أَذِنَ فِيْهِ فِيْمَا ذَكَرْتَ مَمْنُوعٌ، فَقَدْ تَقَدَّمَ لَكَ مَا يَقْتَضِي دُخُول الدُّعَاءِ لِنَفْسِ الزَّائِرِ وَغَيْرِهِ، كَمَا فِي حَدِيْثِ عَائِشَةَ: «وَيَرْحَمُ اللَّهُ المسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالمسْتَأْخِرِينَ».

  وَفِي حَدِيْثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيْهِ فِي تَعْلِيْمِ النَّبِيِّ ÷ لَهُمْ: «نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُم العَافِيَةَ»⁣(⁣٢).

  وَفِي حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ وَنَحْنُ بالأَثَرِ»⁣(⁣٣).


(١) قال ابن قُدَامَةَ الحنبليُّ في كتابه (المغني) (٥/ ٤٦٦): «ثُمَّ تَأْتِي الْقَبْرَ فَتُوَلِّي ظَهْرَكَ الْقِبْلَةَ، وَتَسْتَقْبِلُ وَسَطَهُ، وَتَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ... ، اللَّهُمَّ إنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُم الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}، وَقَدْ أَتَيْتُك مُسْتَغْفِرًا مِنْ ذُنُوبِي، مُسْتَشْفِعًا بِكَ إلَى رَبِّي، فَأَسْأَلُك يَا رَبِّ أَنْ تُوجِبَ لِيَ الْمَغْفِرَةَ، كَمَا أَوْجَبْتهَا لِمَنْ أَتَاهُ فِي حَيَاتِهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ أَوَّلَ الشَّافِعِينَ، وَأَنْجَحَ السَّائِلِينَ، وَأَكْرَمَ الْآخِرِينَ وَالْأَوَّلِينَ، بِرَحْمَتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، ...».

(٢) روى أحمد بن حنبل في مسنده من طرقٍ، منها (٣٧/ ١٤٧) (٢٣٠٣٩)، ط: (الرسالة) بإسناده عن سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ÷ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ يَقُولُ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ، أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ». قال محققوا هذه الطبعة: «إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات».

ورواه ابن أبي شيبة في (المصنَّف) (٧/ ٣٥٥ - ٣٥٦)، رقم (١١٩٠٩)، ومسلم برقم (٢٢٥٧)، والنسائي في (السنن الكبرى) (١/ ٦٥٧)، رقم (٢١٦٧)، وابن ماجه برقم (١٥٤٧)، وابن حبان (٧/ ٤٤٥ - ٤٤٦) رقم (٣١٧٣)، والبيهقي في (السنن الكبرى) (٤/ ٧٩)، والحافظ عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام) (٢/ ٥٤٦)، وغيرهم.

(٣) روى الترمذي في سننه برقم (١٠٥٣) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ÷ بِقُبُورِ الْمَدِينَةِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ، أَنْتُمْ سَلَفُنَا، وَنَحْنُ بِالْأَثَرِ»، قال الترمذي: «حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ».

ورواه الطبراني في (المعجم الكبير) (١٢/ ١٠٧)، رقم (١٢٦١٣)، والضياء في (المختارة) (٩/ ٥٤١)، رقم (٥٣٢)، قال المحقق: «إسناده حَسَن».