الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع والتضليل،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[الكلام على قصة نبي الله تعالى دانيال #]

صفحة 160 - الجزء 1

  وَمَا أَوْرَدَهُ فِي هَذَا البَحْثِ قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيْهِ.

[الكلام على قصة نبي الله تعالى دانيال #]

  قَالَ: «وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي مَغَازِيْهِ⁣(⁣١) عَنْ خَالِدِ بْنِ دِيْنَارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو العَالِيَةِ، قَالَ: لَمَّا فَتَحْنَا (تُسْتَر)⁣(⁣٢) وَجَدْنَا فِي بَيْتِ مَالَ الْهُرْمُزَانِ سَرِيْرًا عَلَيْهِ رَجُلٌ مَيِّتٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مُصْحَفٌ، فَأَخَذْنَا الْمُصْحَفَ فَحَمَلْنَاهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَدَعَا لَهُ كَعْبًا فَنَسَخَهُ بِالعَرَبِيَّةِ، فَأَنَا أَوَّلُ رَجُلٍ مِنَ العَرَبِ قَرَأَهُ، قَرَأْتُهُ مِثْلَ مَا أَقْرَأُ القُرْآنَ.

  فَقُلْتُ لِأَبِي العَالِيَةِ: مَا كَانَ فِيْهِ؟ قَالَ: سِيْرَتُكُمْ، وَأُمُورُكُمْ، وَلُحُونُ كَلاَمِكُمْ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدُ.

  قُلْتُ: فَمَا صَنَعْتُمْ بِالرَّجُلِ؟ قَالَ: حَفَرْنَا لَهُ بِالنَّهَارِ ثَلَاثَةَ عَشْرَ قَبْرًا مُتَفَرِّقَةً، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ دَفَنْاهُ، وَسَوَّيْنَا القُبُورَ كُلَّهَا؛ لِنُعَمِّيَهُ عَلَى النَّاسِ لَا يَنْبِشُونَهُ.

  قُلْتُ: وَمَا يَرْجُونَ مِنْهُ؟ قَالَ: كَانَتِ السَّمَاءُ إِذَا حُبِسَتْ عَنْهُمْ أَبْرَزُوا السَّرِيْرَ فَيُمْطَرونَ.

  فَقُلْتُ: مَنْ كُنْتُمْ تَظُنُّونُ الرَّجُل؟ قَالَ: رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ دَانْيَال.

  فَقُلْتُ: مُنْذُ كَمْ وَجَدْتُمُوهُ مَاتَ؟. قَالَ: مُنْذُ ثَلَاثمائةِ سَنَة.

  قُلْتُ: مَا كَانَ تَغَيَّرَ مِنْهُ شَيءٌ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا شُعَيْرَاتٌ مِنْ قَفَاه، إِنَّ لُحُومَ الأَنْبِيَاءِ لَا تُبْلِيْهَا الأَرْضُ، وَلَا تَأْكُلُهَا الْسِّبَاعُ.

  فَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَا فَعَلَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ مِنْ تَعْمِيَةِ قَبْرِهِ لِئَلَّا يَفْتَتِنَ بِهِ النَّاسُ، وَلْم يَبْرُزُوا لِلْدُّعَاءِ عِنْدَهُ وَالتَّبَرُّكِ بِهِ.


(١) (السيرة النبوية) لابن إسحاق (١/ ١١٦)، ط: (دار الكتب العلمية).

(٢) «(تُسْتَرُ، كجُنْدَبٍ)، وحُكِيَ ضَمُّ الفَوْقِيَّةِ الثانِيةِ أَيضًا، وهو مِن كُوَر الأَهواز بخُوزِسْتَان، قالَه ابنُ الأَثِير». انتهى من (تاج العروس) بتصرف (١٠/ ٢٨٤).