فوائد النشر في فضائل وأعمال الأيام العشر وما يليها من أيام الشهر،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

حادثة المباهلة

صفحة 75 - الجزء 1

  اليوم الثاني أقبل الناس من أهل المدينة من المهاجرين والأنصار وغيرهم من الناس، في قبائلهم وعشائرهم وشعاراتهم، وهم في أحسن هيئة، وخرج وفد نجران إلى مكان المباهلة، ينتظرون قدوم النبي ÷، وكان أهل نجران قد اشتوروا فيما بينهم في أمر المباهلة، وقال بعضهم لبعض: انظروا محمداً فإن جاء غداً بولده وأهله وخاصته فاحذروا مباهلته، فإنه نبيء، وإن جاء بأصحابه وأتباعه فباهلوه فإنه ليس على شيء.

  وهم يعنون بكلامهم هذا: أن النبي ÷ إذا جاء إلى ساحة المباهلة محفوفاً بأبهة الملك، ومتظاهراً بقوة الجيش، ومعرضاً بكثرة الجنود والأتباع، فهي دليل على عدم صدقه.

  وإذا أتى بولده وأبناءه وأحبِّ الناس إليه، وأعزهم لديه، بعيداً عن كل مظاهر الخيلاء والمباهاة، فهو دليل على صدقه، وأوكد في الدلالة على ثقته بموقفه، ويقينه بمبدئه، حيث تجرأ على تعريض نفسه وأحبته وأعزته، وأفلاذ كبده، وأغلى الناس عنده على المباهلة، التي تكون نتيجتها هلاك المبطل.

  فبينما هم كذلك يتحادثون، والناس جميعاً مترقبون ومنتظرون مجيء النبيء ÷، وهم يراقبون الطرق التي يمر منها النبي ÷، وهم يريدون أن يعرفوا معنى وتفسير آية المباهلة، ويريدون أن يعرفوا المراد بالأبناء والنساء والأنفس المذكورين في الآية، وهم يتسآءلون في أنفسهم أو يتسآءل البعض منهم يا ترى من هم الذين أُمِر النبي ÷