الآفة الأولى: [الحسد]:
المقدمة الثانية: في الأربع الآفات
  ولنتكلم على كل واحدة منها ونشبع الفصل فيها، ونأتي فيها بكلامٍ غريبٍ وتفصيل عجيبٍ:
الآفة الأولى: [الحسد]:
  الحَسد لمن تقلد قلائد الزعامة، وتحمل أثقال الإمامة: فإن الحسد من المحبطات، والرذائل الموبقات، وهو محرم إجماعاً، ولا شك أنه يفضي بصاحبه إلى كثرة الاحتمال(١)، وإلى التجاهل العظيم وسوء الحال، وإلى شنآن من فرض الله مودته على خلقه، والإغفال والإهمال لما أوجب الله من حقه، كما كان من اليهود في حق رسول الله صلى الله عليه [وعلى آله](٢) وسلم؛ فإنه حملهم الحسد وكون هذا النبي المرسل لم يكن منهم - على إنكار نبوته وتكذيبه ونصب عدواته، وقد علموا ذلك يقيناً بالبراهين الواضحة والأدلة اللائحة، وهو الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة باسمه وصفته، وكانوا يستفتحون به على الأوس والخزرج، ويعدونهم بنبي قد [أطل](٣) زمانه ودنا أوانه، {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}[البقرة: ٨٩] حسداً، {أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}[البقرة: ٩٠].
  وقد حكى الله ذلك عنهم في كتابه الكريم، وذمّهم بذلك ولعنهم عليه، فقال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ [كِتَابٌ](٤) مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ٨٩ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ
(١) أي التحمل للحسد.
(٢) من نسخة (ب).
(٣) في نسخة (أ): أظل.
(٤) في نسخة (ب): رسول.