مشاهد الفوائد وشواهد الفرائد،

أحمد بن عزالدين بن الحسن (المتوفى: 941 هـ)

الآفة الثانية: [سوء الظن]:

صفحة 35 - الجزء 1

  بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ٩٠}⁣[البقرة]، وأنزل الله فيهم: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ٥٤}⁣[النساء].

  فعليك أيها الطالب للنجاة والاعتصام بحبل الأئمة الهداة: أن تبعد نفسك عن هذه الطريقة، وتصونها عن التضمّخ⁣(⁣١) بهذه الرذيلة؛ فإنك لن تبلغ مراقي درجات الفضل وعُلاه، ولن تنال جزيل الخير من الله ورضاه، إلا بحب من أحبه الله، كما ورد ذلك عن النبي الأواه، وداو علتك هذه بكل دواء، وارجع إلى ما قاله الحكماء «الحسود غضبان على من لا ذنب له»، وإلى ما يذكره أهل علم المعاملة، ومدّ أكف الرجاء إلى الواحد الفرد الصمد، أن يعطيك مثل غيرك من خزائنه التي لا تنفد.

الآفةُ الثانية: [سوء الظن]:

  أن يتطرق شيء من ظنون السوء إلى الإمام، إما لنقل ناقلٍ ممن لا يعتد به من الأنام، أو لمشاهدة تصرفٍ في إقدامٍ أو إحجام: فيكون ذلك سبباً في التكاسل على القيام بما يجب من الحقوق، وداعياً إلى البُعد عنه والعُقوق، ويخامره الشيطان أن ذلك عذر له عند الرحمن، أو يدعوه ذلك إلى القدح والاعتراض، وصدور نفثات الهجر والأذى، والاستقباح لأفعال من أمر الله بتعزيره وتوقيره، وتعظيم شأنه واستماع أمره، وهذا مسلك لا يسلكه من شرب من برد اليقين، وجرع من حياض العلماء العاملين، بل سالكه لم يُعدّ من العقلاء المميزين.

  فإنه يجب حمل كل أحدٍ من المسلمين على أحسن محامل السلامة، وأن لا يلسع بحُمَةِ⁣(⁣٢) الملامة؛ لقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ


(١) التضمَّخ: التلطخ.

(٢) الحُمَة: السُمُّ.