مشاهد الفوائد وشواهد الفرائد،

أحمد بن عزالدين بن الحسن (المتوفى: 941 هـ)

الباب الأول: فيما يجب له

صفحة 49 - الجزء 1

  حصة الغني أربعة دراهم قفلة، والفقير دون ذلك ربما أنه درهمان، «والصحابة ¤ عملت بهذه الوظيفة من المعونة، فقاسمت الأنصار المهاجرين في أموالهم ودورهم، وخيّروهم بين القسمين، وأعطوهم الأصلح من النصيبين، فكان مع أبي بكرٍ ثمانون ألفاً أنفقها في الجهاد، وما بقي معه إلا عباءة كان إذا ركب خَلّها وإذا نزل أبعد خِلالها، وعثمان جهز جيش العسرة بتسعمائة [بعير]⁣(⁣١) وخمسين بعيراً، وتمم الألف بخمسين فرساً، كل ذلك من صميم ماله، ولما أقبل العسكر وقد مستهم الحاجة وعظمت بهم الفاقة، لقاهم مائة ناقة محملة مخطومة، نحروها وأكلوا لحمها، فالقوم ما بذلوا هذه الأموال إلا لطاعة الرحمن، ومعرفتهم بما في القرآن»⁣(⁣٢)، ¤ وأرضاهم، وجعل الجنة مصيرهم ومأواهم؛ فهم والله الناس لفظاً ومعنى، جادوا بالأرواح والأموال، وعمدوا إلى الأعلى فالأعلى من الأفعال:

  وَإنّ الَّذِي حانَتْ بفَلْجٍ دماؤُهُمْ ... هُمُ القومُ كلَّ القومِ يا أُمَّ [خَالِدِ](⁣٣)

  ومما تجب طاعته فيه: الجهاد، وهذا هو أهم الأغراض التي قام لها، ووجوبه معلوم ضرورة من الدين، ولا عذر لأحدٍ إلا لمن عذره الله في كتابه، فمن تركه مستحلاً كفر، ومن تركه جرأة فسق، وهو سنام الدين كما ورد ذلك عن النبي الأمين⁣(⁣٤)، والوارد في وجوبه وحرمة الإخلال به وأفضليته من القرآن والأخبار أكثر من أن يحصى، من ذلك قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}⁣[التوبة: ٢٩] الآية، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ١٠ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ١١}⁣[الصف]،


(١) في نسخة (أ): دينار.

(٢) من جواب الإمام الشهيد أحمد بن الحسين على الشيخ عطية النجراني.

(٣) في نسخة (ب): مالك.

(٤) سيأتي ذكره.