بره وطاعته بأمه
  وطاعتها؛ بل كان كالرياح المرسلة - ببرّه لها وحنانه عليها - بين يديها يحوطها بعطفه وبرّه، ويشملها بخيره وكرمه، ومع هذا كانت رحمها الله سخيةً تعطفُ على الضعفاء والمساكين بأمواله وتجود عليهم من خيره وفضله، وتطعمهم وتكسيهم من حقه وماله، وهو راضٍ بذلك، فلا يرجع من عندها خائبٌ ولا محتاج ولا مسكين.
  وكان | حينما يذكر والديه يغدق عليهما بالدعاء والترحم، حتى تعجبنا من رحمته بوالديه رحمهم الله، ولهذا تعلمنا منه الرحمة والدعاء لوالدينا والعطف عليهما، ومع هذا لم ينس والديه من أعمال البر والإحسان، وقد أوصى بأحبّ أمواله في درس كتاب الله إلى روح والديه(١).
  هذا ... وقد عرفه الناس وشهدوا له في زمانه بالبرِّ، وأنّهم لم يبرّوا بأُمهاتهم مثل برّه بأُمّه؛ بل ولم نعرف في زماننا هذا أحداً أطاع أُمّه مثلما أطاعها به، أو مثل طاعته وبرِّه بها؛ فكان منقطع النظير ببرِّها، فهو بحقٍ وحيدُ عصره، ونسيج دهره، في برِّه وطاعته بأُمّه، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده الصالحين.
(١) أوصى - بدرس قرآن لروح والديه - بجربة الخيرة، ودحبان من أوطان صربان، وجعل تلك الوصية على أولاده الذكور الخمسة وذريتهم مع اشتراط العدالة والتقوى، والتحري في القراءة، ومن أحسَّ في نفسه ضعفاً في القراءة فلينقلها للحافظ من الذرية.