بره وطاعته بأمه
  وقد بلغنا أن سيف الإسلام الحسن بن الامام يحيى رحمهما الله، أرسل له رسولاً بأن يأتي إليه فلم تأذن له أُمّه بالخروج، فأعتذر بأن أُمّه لم تأذن له، فأرسل له مرة ثانية فلم تأذن له، فأعتذر ثانية بأنها لم تأذن له، ثمَّ أتى سيف الإسلام بنفسه وقال له: طاعتك وبرّك بأُمّك جعلتنا نأتي إليك، فسبحان الله الذي وفقه لبرّها وأعانه على طاعتها، حيثُ رِضى الله في رضى الوالدين، والجنة تحت أقدام الأمهات.
  هذا ... وكما كان باراً بها في حياتها كذلك برّها بعد مماتها، وقد عرفناه وشهدناه يصلي بمسجده بذ وصولان، ثمّ يخرج من المسجد بعد صلاة العشاء ويمر بقبرها، ويقف ليتلو عليها وِرداً من القرآن، وهكذا في كل ليلة وباستمرار طول حياته ومع كُل هذا البرّ والطاعة بها فقد أوصانا أن نقبره عند أقدام أُمّه، وأن نضع جهة رأسه من القبر عند رجليها تواضعاً لله تعالى ولوالدته، وإنّها لتأخذني العبرة وأنا أكتب هذه الحروف التي هي إن شاء الله حروفٌ من نورٍ لمن تنور بها، وعَمِلَ بمقتضاها، واقتدى وتأسى بأولياء الله المتقين، ونسأل الله أن يهب لنا من بركات برّه وأنوار هدايته ما نسعد به في الدنيا والأخرة، وأن يرزقنا الاقتداء والتأسي به في برِّنا بوالدينا، وأن يوفقنا لبرِّهما وطاعتهما والإحسان إليهما كما يحب ربنا ويرضا به عنا،