ذكر بعض فضائل له ¥
  بخطِّ يَدِهِ الكَرِيْمَةِ(١).
  وكان مُقْتَصِداً غاية الاقتِصَادِ في مَلْبَسِهِ ومَأْكَلِهِ وجميع أحواله، نَظَرَ إلى باطن الدنيا إذْ نَظَرَ الناسُ إلى ظاهرها، واشْتَغَلَ بآجِلِها إذْ اشْتَغَلَ النَّاسُ بعَاجِلِها، هذا مع تمكُّنِهِ من انْتِوَالها لَوْ أَرَادَها، واسْتِطَاعَتِهِ لأَخْذِها لو سَاعَدَها؛ فلقد كانت تُعْرَضُ له الولايات الكبيرة، والإمارات الخطيرة، ولكنَّه عَظُمَ الخالقُ في نفسه وصَغُرَ ما دونه في عَيْنِهِ، فوالله لكأنّ جَدَّه الوصيّ ~ واصِفٌ لحاله حيث يقول في وَصْفِهِ وَوَصْفِ أَمْثَالِهِ:
  أَعَانَهُ اَللَّهُ عَلَى نَفْسِهِ فَاسْتَشْعَرَ اَلْحُزْنَ، وَ تَجَلْبَبَ اَلْخَوْفَ، فَزَهَر مِصْبَاحُ اَلْهُدَى فِي قَلْبِهِ، وَأَعَدَّ اَلْقِرَى لِيَوْمِهِ اَلنَّازِلِ بِهِ، فَقَرَّبَ عَلَى نَفْسِهِ اَلْبَعِيدَ، وَهَوَّنَ اَلشَّدِيدَ، نَظَرَ فَأَبْصَرَ، وَذَكَرَ فَاسْتَكْثَرَ، وَاِرْتَوَى مِنْ عَذْبٍ فُرَاتٍ سُهِّلَتْ لَهُ مَوَارِدُهُ، فَشَرِبَ نَهَلاً، وَ سَلَكَ سَبِيلاً جَدَداً، قَدْ خَلَعَ سَرَابِيلَ اَلشَّهَوَاتِ، وَ تَخَلَّى عَنِ اَلْهُمُومِ إِلاَّ هَمّاً وَاحِداً اِنْفَرَدَ بِهِ، فَخَرَجَ مِنْ صِفَةِ اَلْعَمَى، وَ مُشَارَكَةِ أَهْلِ اَلْهَوَى، وَصَارَ مِنْ مَفَاتِيحِ أَبْوَابِ اَلْهُدَى، وَمَغَالِيقِ أَبْوَابِ اَلرَّدَى، قَدْ أَبْصَرَ طَرِيقَهُ، وَ سَلَكَ سَبِيلَهُ، وَعَرَفَ مَنَارَهُ، وَقَطَعَ غِمَارَهُ، وَاِسْتَمْسَكَ مِنَ اَلْعُرَى بِأَوْثَقِهَا، وَمِنَ اَلْحِبَالِ بِأَمْتَنِهَا، فَهُوَ مِنَ
(١) قد طُبِعت بحمد الله تعالى في آخر كتاب مجمع الفوائد للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي #.