وفاته ¥
  ولم تَفْتُرْ همَّتُه ¥ عن تدريس العلوم ومطالعة الكتب والنظر في الأدلة، والبحث عن الغوامض المشكلة، وملازمة الأَوْرَادِ، ومداومة التلاوة والأذكار في الليل والنهار، والعشي والإبكار.
وفاته ¥
  فصل: في نزول الخَطْبِ الأعظم والرُّزْءِ الأَطَمِّ، الذي أرْدَفَ الكروب وأرْجَفَ القلوبَ، وَفَتَّ الأعضاد وألْهَبَ الأكْبَادَ، وذلك وفاته قدس الله روحه في عليِّين، وألحقه بآبائه المقرّبين.
  كان ابتداءُ المرض الذي توفَّاه الله فيه في أوائل شهر ربيع الأول سنة ١٣٦٠ هـ ستين وثلاثمائة وألف، وقد كان ¥ لا تبرح عنه البلوى في أكثر أيَّامه، «أَشَدُّ الناس بَلاءً الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فالأَمْثَل»، إلا أنها لم تمنعه من القراءة والصلاة والصيام والرواتب والأوراد والقيام، وفي هذه الأيام حَدَثَ به الألم فأرَدْنا المعالجة له بالأدوية، فكان ¥ يقول: «إن هذا الألم لا تنفعه الأدوية وما له إلا الله سبحانه» وقد كان قدس الله روحه مُسْتَعِداً لنزول أمْرِ الله، مُتَأهِّباً للقاءِ الله، وكان ربما أَسْعَدَنا باسْتِعْمالِ بعضِ الأدوية، وقد كان يُلْقِي إلينا في ابتداء مرضه ¥ أنه سَيَلْقَى الله تعالى في هذه المَرْضَةِ، وأنها سببُ الوفاةِ، مع أنَّها في الابتداء خَفِيْفَةٌ لم يخالجنا منها عليه خِيْفَةٌ حتى أنَّا قلنا له ¥: لا بأس إن شاء الله، وهذا بفضل الله أَلَمٌ زَائِلٌ ومَرَضٌ ذاهِبٌ، فقال: «والله إني قد بُشِّرتُ بنزولِ أَمْرِ الله تعالى، وَحُصُولِ الوَفَاةِ، ولقَدْ رَأيتُ باباً وقِيْلَ لي: هو لَكَ ولِفُلانٍ - وذَكَر اسْمَ أحَدِ العلماء الأعلام -