النسيم العلوي والروح المحمدي،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

فصل: وأما كراماته ¥

صفحة 29 - الجزء 1

  الحكيمِ مُنِيراً، لا يَنْفَكُّ على مُرُوْرِ الدَّهْرِ مَزْبُوراً مَسْطُوراً، {وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا ٨ إِنَّمَا نُطۡعِمُكُمۡ لِوَجۡهِ ٱللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمۡ جَزَآءٗ وَلَا شُكُورًا ٩}⁣[الإنسان]، فهلْ تَرَى لهؤلاءِ القَوْمِ مِثَالاً، أمْ تجد بعد ذلك الشّرَفِ مَقَالاً:

  تِلْكَ المَكَارِمُ لا قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ ... شِيْبا بِمَاءٍ فَعَادَا بَعْدُ أَبْوَالا

فصل: وأما كَرَامَاتُهُ ¥

  فكانَ سلام الله عليه يُكْرِمُهُ اللهُ بكرامَاتٍ بَيِّنَاتٍ تجري له على الاستمرار عَلِمْناها وشَاهَدْناها مُعَايَنَةً بالأَبْصَارِ، لا يُدْرِكُها الحَصْرُ، ولا يحيطُ بها الوَصْفُ، منها: اسْتِجَابةُ دَعَوَاتِهِ واسْتِبانَةُ بَرَكَاتِهِ، وإني والله لا أتمكَّنُ من إِحْصَاءِ ما عَلِمْتُ وشَاهَدْتُ مِنْهُ سَلامُ اللهِ عَلَيْهِ.

  وسأذْكُرُ بعضَ ما حَضَرني من ذلك، منها: أنَّه بَلَغَهُ قيام فِتْنَةٍ وثَائِرَةِ حَرْبٍ في سوق العنان بين فريقين من قبائل ذي محمَّد، فمَضَى للإصْلاحِ بَيْنَهُمْ، وكانوا إذا شاهَدُوا طَلْعَتَهُ الشَّرِيْفَةَ كَفُّوا عن القِتَالِ، ولو أنه بَلَغَ الأمْرُ بهم أَشَرَّ حالٍ، فوَصَلَ هذه المرَّة وقد انْحَازُوا في جَبْهَتَيْنِ، فمَشَى إلى طَائِفَةٍ منهم وأَمَرَهُمْ بتَرْكِ الْمُحَارَبَةِ وسَفْكِ الدِّماءِ التي تُغْضِبُ الجبَّارَ وتوجِبُ النَّارَ، فأجَابُوا وامْتَثَلُوا، ثم صارَ إلى الآخَرِيْنَ وأَمَرَهُمْ بمِثْلِ ذلك، فقَبِلُوا إلا اثْنَيْنِ من سُفَهَائِهِمْ فإنَّهم نَكَلُوا وامْتَنَعُوا فانْكَفَأَ رَاجِعاً