النسيم العلوي والروح المحمدي،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

حلمه ¥

صفحة 28 - الجزء 1

حلمه ¥

  وأما حلمه ¥: فكان عَظِيْمَ الصَّفْحِ، كَرِيْمَ العَفْوِ، لا يَسْتَفِزُّهُ الغَضَبُ، ولا تُفْزِعُهُ العُصَبُ، ولا يتجاوَزُ الحقَّ في سَخَطٍ ولا رِضَا، خلا أنه سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ كما أسْلَفْتُ لكَ لِشِدَّتِهِ في ذَاتِ الله - يَتَوَاصَفُهُ المَرَدَةُ بالغِلْظَةِ والشدَّةِ لِعِظَمِ هَيْبَتِهِ في صُدُوْرِهِمْ، ورَوْعَتِهِ في قُلُوبِهِمْ، وقد يَقْبَلُ ذَلِكَ منهم مَنْ ليس له اطّلاعٌ، ويَغْترّ بقولهم كثيرٌ من الهَمَجِ الرّعَاع، لا سِيَّما مع عَدَمِ مُدَاهَنَتِهِ للناس في شيء مما يُسْخِطُ اللهَ، {وَمَا نَقَمُواْ مِنۡهُمۡ إِلَّآ أَن يُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ ٨}⁣[البروج].

كَرَمُهُ ¥

  وأما كَرَمُهُ: فكانَ ¥ يتكرَّمُ بما لَدَيْهِ، ويجُوْدُ بما في يَدَيْهِ،

  لا يَعْرِفُ الدِّرْهَمُ المضُْروْبُ صُرَّتَهُ ... لكنْ يَمُرُّ عليها وهو مُنْطَلِقُ

  أرْيحيَّةٌ عَلَوِيَّةٌ، وغَرِيْزَةٌ هَاشِمِيَّةٌ، وطَبِيْعَةٌ يحْيَوِيَّةٌ، يَتَوارَثُها لا عَنْ كَلالَةٍ، زَرْعُ الوصَايَةِ، وفَرْعُ النُّبُوَّةِ والرِّسَالةِ:

  إِذَا افْتَخَرَتْ أُمَيَّتُهُمْ عَلَيْنَا ... بِقَوْلِ جَرِيْرِهَا فِي الامْتِدَاحِ

  أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا ... وَأَنْدَى الْعَالَمِيْنَ بُطُونَ رَاحِ

  أَجَبْنَاهُمْ بِمَا قَدْ قِيْلَ فِيْنَا ... وَفِي آبَائِنَا صِيْدِ الْبِطَاحِ

  أَلَيْسَ لِجَدِّكُمْ فِي اللَّوْحِ ذِكْرٌ ... مَعْ اسْمِ اللَّهِ لَا يَمْحُوهُ مَاحِي

  فهو خُلاصَةُ القَوْمِ الذين شَرَّفَهُمْ الثَّناءُ من رَبِّهم تَبْييناً في الذِّكْرِ