مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المسألة الثانية: أن الله تعالى قادر

صفحة 15 - الجزء 1

المسألة الثانية: أن الله تعالى قادر

  وَحَقِيقَةُ القَادِرِ: مَنْ يُمْكِنُهُ الْفِعْلُ.

  والدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَادِرٌ أنَّ الفِعْلَ الَّذِي هُوَ العَالَم قَدْ وُجِدَ مِنْهُ تَعَالَى، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى إِيجَادِهِ لَمَا أوْجَدَهُ; لأنَّ الضَّعيفَ العَاجِزَ لَا يُمْكِنُهُ الْفِعْلِ، وقَدْ وُجِدَ العَالَم مِنْ جِهَةِ اللهِ تَعَالَى، فَيَجِبُ وَصْفُهُ بأَنَّهُ قَادِرٌ⁣(⁣١).


(١) قال أمير المؤمنين #: (ربٌّ إذ لا مربوب، وقادرٌ إذ لا مقدور). [شرح الأساس الكبير ص ٣٦٧/ ١].

وقال #: (وأرانا من ملكوت قدرته، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته، ما دلَّنا باضطرار قيام الحجة له على معرفته). [نهج البلاغة ص ١٦٣].

قال الشارح هذا الكتاب | في كتابه الإيضاح: (وحقيقة القادر هو مَنْ يصح منه الفعل مع سلامة الأحوال، وهذا قول من يُقر بالصانع المختار ... إلى قوله: المقدورات ثلاثة وعشرون جنسًا وهي: الأجسام، والألوان، والروائح، والطعوم، والحرارة، والبرودة، والرطوبة، واليبوسة، والشهوة، والنفرة، والحياة، والقدرة، والفناء، فهذه يقدر الله على أعيانها وأجناسها، ومِن كل جنس على ما لا يتناهى؛ لأنه قادرٌ بالذات ولا اختصاص لذاته بجنس دون جنس. وأما العشرة الباقية وهي: الأكوان [قيل: هو المعنى الموجب كون محله كائنًا في جهة، وقيل: هو الحركة والسكون]، والاعتمادات [الاعتماد: المعنى الموجب تدافع المحل في بعض الجهات، وينقسم إلى لازم ومجتلب، واللازم إلى علوي كاعتماد النار، وسفلي كاعتماد الحجر، والمجتلب يقع في الجهات الست]، =