مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المسألة الثالثة: أن الله تعالى عالم

صفحة 16 - الجزء 1

المسألة الثالثة: أن الله تعالى عالم

  وَحَقِيقَةُ العَالِمِ: هُوَ مَنْ يُمْكِنُهُ الفِعْلُ الْمُحْكَمُ.

  والدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَالِمٌ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُحْكَمَ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ تَعَالَى، وذَلِكَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَواتِ والأرْضِ ومَا بَيْنَهُمَا مِنَ الحيوَانَاتِ، فَإِنَّ فِيهِمَا مِنَ التَّرْتِيبِ وَالنِّظَامِ مَا يَزِيدُ عَلَى كُلِّ صِنَاعَةٍ مُحْكَمَةٍ فِي الشَّاهِدِ، مِنْ بِنَاءٍ وَكِتَابَةٍ وَغَيْرِهِمَا، فَإِذَا كَانَتْ الكِتَابَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهَا عَالِمٌ، فَلَا شَكَّ أنَّ تَرْتِيبَ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ أبْلَغُ مِنْ تَرْتِيبِ الْكِتَابَةِ الْمُحْكَمَةِ؛ فيَجِبُ أنْ يَدُلَّ تَرْتِيبُهَا عَلَى أَنَّ اللهَ عَالِمٌ⁣(⁣١).


= والتأليفات [التأليف: المعنى الموجب لصعوبة التفكيك عند مقارنة الرطوبة واليبوسة. تمت منقولة]، والأصوات، والآلام، والاعتقادات، والإرادات، والكراهات، والظنون، والأفكار، فهذا يقدر العباد على أعيانها وأجناسها لما مكنهم الله تعالى منها، ويقدر الله تعالى على أجناسها، ومن كل جنس على ما لا يتناهى لما ذُكر من أنه تعالى قادرٌ بذاته، فلا تنحصر مقدوراته جنسًا ولا عددًا، وهو تعالى قادرٌ فيما لم يزل، وفيما لا يزال ... إلى قوله: وهذا ما يجب على المكلف معرفته من مسألة قادر). [الإيضاح شرح المصباح ص ٨٤].

(١) قال أمير المؤمنين #: (الحمد لله العلي عن شبه المخلوقين، ... إلى قوله: العالم بلا اكتساب ولا ازدياد ولا علم مستفاد ... إلخ). [نهج البلاغة ص ١٩٤/ ٣].

قال أمير المؤمنين #: (عالم إذ لا معلوم، وربٌّ إذ لا مربوب ... إلخ). =