مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المسألة الثامنة: أن الله تعالى غني

صفحة 27 - الجزء 1

المسألة الثامنة: أن الله تعالى غني

  وَحَقِيقَةُ الْغَنِيِّ: هُوَ الحَيّ الَّذِي لَيْسَ بِمُحْتَاجُ.

  وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى غَنِيٌّ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى حَيٌّ، فلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا أَوْ مُحْتَاجًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللهُ مُحْتَاجًا؛ إِذْ لَوْ كَانَ مُحْتَاجًا لَوَجَبَ أَنْ يُوجِدَ الأشْياءَ الْمُحْتَاجَ إِلَيْهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً، لِعِلْمِهِ بِأَنَّ لَهُ فِي إِيجَادِهَا نَفْعًا خَالِصًا ولَذَّةً كَاملةً، وَهُوَ قَادرٌ عَلَى إِيجَادِهَا، وغَيرُ مَمْنُوعٍ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ الوَاحِدَ مِنَّا إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى شَيْءٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِيجَادِهِ، وغَيرُ مَمْنُوعٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُوجِدُهُ لَا مَحَالَةَ، وَفِي عِلْمِنَا بِوُجُودِ الأشْياءِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى مَا أَوْجَدَهَا لِحَاجَتِهِ مِنْهُ إِلَيْهَا، وإِنَّمَا أَوْجَدَهَا لِمَصَالِحِ العِبَادِ، فَثَبَتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى غَنِيٌّ⁣(⁣١).


(١) قال أمير المؤمنين # من خطبة له: (فلم يستنصركم من ذُلّ، ولم يستقرضكم من قُلّ، استنصركم وله جنود السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، واستقرضكم وله خزائن السموات والأرض وهو الغني الحميد، أراد أن يبلوكم أيكم أحسن عملًا ... إلخ). [نهج البلاغة ص ١١٤].

وهو تعالى غني عن الحاجة إلى المكان: قال إمام العارفين ~: (ليس في الأشياء بوالج، ولا هو عنها بخارج). [نهج البلاغة ص ١٢٢].

وقال #: (لم يحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن). [نهج البلاغة ص ١١٣]. =