مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المسألة التاسعة: أن الله تعالى لا يرى بالأبصار في الدنيا ولا في الآخرة

صفحة 28 - الجزء 1

المسألة التاسعة: أن الله تعالى لا يُرى بالأبصار في الدنيا ولا في الآخرة

  وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ أَنْ يُرَى فِي حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ لَوَجَبَ أَنْ نَرَاهُ الآنَ; لأَنَّ حَوَاسَّنَا سَلِيمَةٌ، والْمَوَانِعَ مِنْ رُؤيتِهِ مُرْتَفِعَةٌ; لأَنَّ الْمَوَانِعَ الْمَعْقُولَةَ مِنَ الرُّؤْيَةِ: هِيَ الْبُعْدُ وَالقُرْبُ الْمُفْرِطَانِ وَالرِّقَّةُ وَالَّلطَافةُ، وَالْحِجَابُ الْكَثِيفُ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَرْئِيُّ خِلَافَ جِهَةِ الرَّآئِي، وَأَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الأَوْصَافِ، وَعَدَمُ الضِّيَاءِ الْمُنَاسِبِ لِلْعَيْنِ، فَإِنَّ هَذَا هُو الْمَانِعُ مِنَ الرُؤيةِ، فَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَانِعَ لَا تَمْنَعُ إِلَّا مِنْ رُؤْيَةِ الأَجْسَامِ


= قال في (لكاشف الأمين) قول العدلية: إن الله تعالى لا داخل في العالم ولا خارج نفي لأن يكون له تعالى جهة داخلة في العالم أو خارجة عنه؛ لأنه تعالى ليس بمتحيز ولا حال في متحيز، وما كان كذلك استحال أن يحصل في جهة؛ ولأن ال دخول والخروج صفة الجسم، ونفي لأن يكون تعالى من جنس العالم). [الكاشف الأمين ص ٢٥٤].

هذا، ولا يجوز التفكر في ذات الله تعالى؛ لأنه لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس، فلا يصح تصوره، وإنما يُعلم سبحانه بأفعاله ومخلوقاته، وما أودع فيها من الحكم الباهرة والعجائب الجمة، ولهذا قال ÷: «تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله»، وقال: «تفكروا في المخلوق ولا تفكروا في الخالق». وقال علي #: (من تفكر في الصانع ألحد، ومن تفكر في المصنوع وحد).