مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المسألة الثانية: أن أفعال العباد حسنها وقبيحها منهم لا من الله تعالى

صفحة 37 - الجزء 1


= وقال الإمام زيد بن علي @ من كلام له في تنزيه الله: سبحانه وتعالى عما تقول المجبرة والمشبهة علوًا كبيرًا؛ إذ زعموا أن الله سبحانه وتعالى خلق الكفر بنفسه، والجحود والفرية عليه، وأنَّه أفَّكَ العباد ثم قال: {أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ ٧٥}، وَصَرَفَهُم وقال: {أَنَّىٰ يُصۡرَفُونَ ٦٩}، وقال: {سَابِقُوٓاْ}، ولم يعطهم آلة السباق، وأنه خلقهم أشقياء، وأنه أجبرهم على المعاصي إجبارًا ... إلى قوله: ونسبوا إلى الله المذمات ونفوها عن أنفسهم من جميع الجهات، فقالوا: منه جميع تقلبنا في الحركات التي هي المعاصي والطاعات، وأنه محاسبنا يوم القيامة على أفعاله التي فعلها؛ إذ خلق الكفر والزنا والسرقة والشرك والقتل والظلم ... إلى قوله: كلا وباعث المرسلين ما هذه صفة أحكم الحاكمين؛ بل خلقهم مكلفين مستطيعين محجوجين مأمورين منهيين ... إلى قوله: فنفت المشبهة والمجبرة عن أنفسهم جميع المذمات، ونسبوها إلى الله ø، فأي استهزاء أعظم من هذا. [مجموع كتب ورسائل الإمام زيد ص ٢١٥].

وقال الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي #: فنقول كما قال أنبياءُهُ ورسلُه À، وكما قال الصالحون من عباده: فنضيف المعاصي إلى أنفسنا وإلى الشيطان عدونا، كما أمرَنا ربنا، ولا نقول كما قال القدريون المفترون: إن الله جل ثناءه قدَّر المعاصي على عباده ليعملوا بها، وأدخلهم فيها وأرادها منهم ... إلى قوله: تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا ... إلخ. [مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم ص ٦٠٠/ ١].

وفي مجموع الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين #: وقال النبي ÷: «صنفان من أمتي لا تنالهم شفاعتي، قد لعنوا على لسان سبعين نبيئًا: القدرية، والمرجئة» قيل: وما القدرية يا رسول الله؟ وما المرجئة؟ فقال: «أما القدرية فهم الذين يعملون المعاصي ويقولون: =