مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

المسألة السادسة: أن جميع الأمراض والنقائص من فعل الله تعالى وأنها حكمة وصواب

صفحة 44 - الجزء 1

المسألة السادسة: أن جميع الأمراض والنقائص من فعل الله تعالى وأنها حكمة وصواب

  والدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا مِنْ فِعْلِ اللهِ تَعَالَى أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ; لأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الأَعْرَاضِ الضَّرُورِيَّةِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الأَعْرَاضَ مُحْدَثَةٌ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الأَعْرَاضَ مُحْدَثَةٌ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُحْدِثٍ وَهُوَ الله تَعَالَى; لأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى فِعْلِ الأَعْرَاضِ الضَّرُورِيَّةِ إِلَّا الله تَعَالَى، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا مِنْ فِعْلِ اللهِ تَعَالَى وَجَبَ أَنْ تَكُونَ حِكْمَةً وَصَوابًا؛ لأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَدْلٌ حَكِيمٌ، والْحَكِيمُ لَا يَفْعَلُ إِلَّا الْحِكْمَةَ والصَّوَابَ، ولَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْعِوَضِ وَالاعْتِبَارِ وَإِلَّا كَانَتْ قَبِيحَةً.

  وَيَدُّلُ عَلَى ثُبُوتِ العِوَضِ قَوْلُ النَّبِيِّ ÷: «يَتَمَنَّى أَهْلُ البَلَاءِ فِي الآخِرَةِ لَوْ أَنَّ اللهَ زَادَهُمْ بَلَاءً لِعِظَمِ مَا أَعَدَّ اللهُ تَعَالَى لَهُمْ فِي الآخِرَةِ»، ويَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الاعْتِبَارِ فِي هَذِهِ الآلَامِ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {أَوَلَا يَرَوۡنَ أَنَّهُمۡ يُفۡتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٖ مَّرَّةً أَوۡ مَرَّتَيۡنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمۡ يَذَّكَّرُونَ ١٢٦}⁣[التوبة]، والْمُرَادُ بِالفِتْنَةِ المذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الآيَةِ: الامْتحَانُ بِهَذِهِ الأَمْرَاضِ وغَيرِهَا، فَأخْبَرَنَا تَعَالَى أَنَّهُ يَمْتَحِنُهُمْ بِهَا، وَأَنَّ غَرَضَهُ أَنْ يَتُوبُوا وَأَنْ يَذَّكَّرُوا⁣(⁣١).


(١) روى الإمام زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ قال: قال رسول الله ÷: «إذا أراد الله أن يصافي عبدًا من عبيده صبَّ عليه البلاء صبًا، وثج عليه البلاء ثجا، فإذا دعا قالت الملائكة: صوت =