بيعته # ومدة ظهوره ونبذ من سيرته في ولايته
  مجاهد راغب في فضله، متحرٍ ما عند اللّه لأهله، ولعمري إنَّه لأكبر فروض اللّه على عبده، وأحق ما كان من تقدمة يده، ولكن لو كان مع ذلك رغبة في العلم وبحث عنه لصادفوا من يحيى بن الحسين علماً جماً.
  وقال أحمد بن يحيى: إنَّه سمع الهادي # يقول: قد عفن العلم في صدري، كما يعفن الخبز في الجرّة إذا طُرح بعضه على بعض في جرّة ثم لم يُقلب.
  وكان # ابتدأ بتأليف كتاب (الأحكام) بالمدينة، ولما انتهى إلى باب البيوع اتفق خروجه إلى اليمن، واشتغاله بالحروب، فكان يملي بعد البيوع على كاتب له كلّما تفرّغ من الحرب، وكان قد همّ بأن يفرّع ويكثر من التفريع، فحالت المنية بينه وبين ذلك #.
  وحدثني أبو العباس الحسني | عن أبي الحسن الفارسي، قال: سمعتُ علي بن العباس الحسني |، يقول: دخلتُ على يحيى بن الحسين # بُعَيْدَ سحر، والشموع بين يديه، وقد تدرّع وتسلّح لقتال القرامطة، وقد هجموا بجموعهم وقَضّهم وقضيضهم؛ فوجدته مفكراً مطرقاً.
  فقلت: يظفرك اللّه بهم أيها الإمام ويكفيكهم فطال ما كفى.
  فقال: لستُ أفكّر فيهم، فإني أود أن لي يوماً كيوم زيد بن علي #، ولكن بلغني عن فلان - وذكر بعض الطالبية - كذا وكذا من المنكر فغمّني.
  فقال بعض من حضر: ويفعل أيضاً كذا وكذا.
  فقال: سوءة لذلك الشيخ.
  وحدثني أبو العباس | عن أبي عبد اللّه اليمني | أنَّه فقده يومين لِحُمَّى كانت به، قال: فبينا أنا واضع رأسي إذْ قُرِع البابُ، فقمتُ إذْ لم يكن في المنزل غيري، فإذا أنا بالهادي # وبيده تَوْر(١) مغطىً فيه بعض ما يصلح للمحموم.
(١) قال في القاموس: التور: إناء يُشرب فيه.