الإفادة في تاريخ الأئمة السادة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

بيعته # ومدة ظهوره ونبذ من سيرته في ولايته

صفحة 96 - الجزء 1

  قال: كذلك كانت عادته، يمرِّض أصحابه، ويداوي جراحاتهم بيده، وكان أسرّ الأشياء إليه الضيافة، ويتعهد من يطعم عنده بنفسه.

  وحدثني أبو العباس الحسني |، عن أبي القاسم عبد اللّه بن أحمد الطبيب، عن أبي العباس الفضل بن العباس الأنصاري، وكان من خيار المهاجرين إلى يحيى بن الحسين #، قال: كان يحيى بن الحسين يقول كثيراً: إنما آخذ لنفسي مثل ما أعطي أحدكم.

  وإنه قسم يوماً شيئاً من التمر فحبس منه ضِعْفَي ما أعطى الواحد منّا، فداخلني من ذلك شيء لقوله الذي كان يقوله، ورابني ذلك، إلى أن قدم بعض الغُيَّب من أصحابه من وَجْهٍ بعثه هو فيه، فأخرج إليه نصيبه مما كان حبسه، فخنقتني العَبْرة وجعلتُ أقبّل أطراف الهادي # وأعتذر إليه وأخبره بالأمر.

  فقال: أنتَ في حلّ يا أبا العباس وسعة من جهتنا، ولكن حسّنوا ظنونكم بإخوانكم، فإن المؤمن يكون عند حسن الظن بأخيه.

  وكان شيخنا أبو الحسين علي بن إسماعيل الفقيه | يحكي عن أبيه إسماعيل بن إدريس أنَّه قال: قدمتُ المدينة وقد وردها يحيى بن الحسين # من اليمن مغاضباً لأهلها لأنهم لا يطيعون اللّه، ولا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر، فاعتزل أمرهم، فوردت كتبهم على أبيه الحسين بن القاسم وعمومته بالمدينة يتوسلون بهم إليه، ويسألونهم الشفع إليه في معاودتهم، على أنهم لا يخالفونه في شيء، فعاودهم بعد مسألتهم إيّاه، وذكروا أنَّه منذ فارقهم قد أخلفت ثمارهم وزروعهم، وأسرع الموت في مواشيهم وأنعامهم.

  قال: فسألته # عن ذبيحة المشبهة والمجبرة.

  قال: لا تحل.

  فقلت: أتَحِلُّ ذبائح اليهود والنصارى ولا تحل ذبائح المشبهة والمجبرة؟

  فضحك وقال: يا أبا علي، لا تحل ذبائح اليهود ولا النصارى.