[في التعاون على البر والتقوى]
  فكن مفتاح سداد بين أهلك وبين أرحامهم والأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى.
  واعلم أن التوكل على الله من الخصال الحميدة من مكملات الدين يقول النبي ÷: «لن يكون المؤمن مؤمناً حتى يكون أوثق بما عند الله مما في يده»، ويقول ربنا سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق].
  وإنما نَصَحْتُ بالبراء والسمحان وطرح الحقوق لأن ذلك صلة للرحم وسبب في التراحم والألفة وصدقة جارية، ومن صنائع الخير التي تقي مصارع السوء وقد يتأسى بمن فَعَلَتْ ذلك غيرها فتكون مشاركة في ثواب من تأست بها، وهذا الصنيع إدخال سرور وإدخال السرور من أوجب المغفرة، وقضاء حاجة مهمة وقضاء حاجة مؤمن تعدل صيام شهر واعتكافه.
  ولنصغ إلى قوله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ٤٣}[الشورى]، {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ١٣٤}[آل عمران]، ولا تتم لأحد المآرب ويحوز الرغائب إلا بالصبر والبذل والعطاء في طاعة الله {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ٣٥}[فصلت]، لذلك قال أمير المؤمنين: (عند الصباح يحمد القوم السرى)، وقال: (من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل).