[في رحمة الله بعباده]
[في رحمة الله بعباده]
  ﷽ الحمد لله رب العالمين
  من خلال التأمل فيما افترض الله على المكلفين بنظرتي القاصرة وجدت عناية الله محاطة بالرفق والترغيب أكثر بكثير مما يصحبها من التشديد والترهيب، يرسل الله في كل أمة من الأمم الماضية نبياً من البيوتات الرفيعة أزكاهم عقلاً وأحسنهم أخلاقاً وأعظمهم حلماً، صبوراً على جفوتهم، كظوماً للغيظ، يعفو عمن ظلمه ويعرض عمن شتمه، ويعطي من حرمه، يصبره الله على دعوتهم وإن خاف شرهم وفتكهم الشهر بعد الشهر والسنة بعد السنة، وما ذلك إلا لرحمة الله لعلهم يفيئون لرشدهم ويرجعون عن غيهم ويصحون من منامهم وسكرتهم، يريهم الله على أيدي أنبيائه المعجزات رغبة في إسلامهم لعلهم يسلمون من عذابه، فإن أبوا إلا تمادياً في غيهم واستمراراً في تعنتهم وفسقهم وكفرهم، أتاهم العذاب بعد الأزمان الطويلة.
  لننظر في رحمة الله التي صحبت فرعون من بداية خلق موسى الكليم إلى وقت غَرَقِه، كم قتل وكم أذل، أجبر الله سبحانه وتعالى كليمه موسى أن يتوجه إليه بآيتين واضحتين ومعجزتين نيرتين أولاهما يده التي تخرج بيضاء منوِّرة من غير سوء، والأخرى عصاه التي تنقلب حية تسعى، وأمره سبحانه بالتلطف لفرعون في خطابه {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ٤٤}[طه]، {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ١٨ وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ١٩}[النازعات]، ولم