درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية،

عبدالله بن محمد بن أبي النجم (المتوفى: 647 هـ)

[الباب السابع عشر] في ذكر القضاة والقضايا

صفحة 122 - الجزء 1

  {أَوْ يُصَلَّبُوا} يُرِيْدُ وَيُصَلَّبوا، وَالأَلِفُ هَهُنَا صِلَةٌ لِلْكَلاَمِ كَقَوْلِهِ: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}⁣[الصافات: ١٤٧].

  · قَالَ يَحْيَى بن الْحُسَيْنِ فِيْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}⁣[المائدة: ٩٠].

  الْخَمْرُ: مَا خَامَرَ الْعَقْلَ فَأَفْسَدَهُ فَمَا أَفْسَدَ كَثِيْرُهُ كَانَ حَرَاماً قَلِيْلُهُ.

  وَالْمَيْسِرُ: هُوَ النِّرْدُ وَالشِّطْرَنْجُ وَالْقِمَارُ كُلُّهُ. وَالأَنْصَابُ: أَنْصَابُ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي كَانُوا يَنْصِبُوْنَهَا لِعِبَادَتِهِمْ يَعْبُدُوْنَهَا مِنْ دُوْنِ اللَّهِ، وَهِيَ الْيَوْمُ مَوْجُوْدَةٌ، وَفِيْ آثَارِهِمْ مَنْصُوْبَةٌ عَلَى حَالِهَا قَائِمَةٌ مُنْذُ عَهْدِهِمْ.

  وَالأَزْلاَمُ: القِدَاحُ الَّتِي كَانَتْ تُضْرَبُ بِهَا وَيُسْتَقْسَمُ بِهَا، وَيَجْعَلَهَا حَكَماً فِيْ كُلِّ أَمْرِهَا، عَلَيْهَا كُتُبٌ وَعَلاَمَاتٌ لَهُمْ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بَاطِلٌ مِنْ فِعَالِهِمْ.

  (٣٥٤) وَبِإِسْناَدِهِ عَنْ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِيْنَ عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بن الْخَطَّابِ حِيْنَ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ قُدَامَةَ بن مَظْعُوْنَ الْجُمَحِي مَا كَانَ، حِيْنَ كَانَ مِنْ قُدَامَةَ شُرْبُ الْخَمْرِ، فَحَدَّهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بِالْبَحْرَيْنِ وَهُوَ وَالٍ إِذْ ذَاكَ عَلَيْهَا لِعُمَرَ، فَقَدِمَ قُدَامَةُ عَلَى عُمَرَ فَشَكَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَأَشْخَصَهُ فَقَدِمَ أَبُوْ هُرَيْرَةَ مَعَهُ بِالشُّهُوْدِ الَّذِيْنَ شَهِدُوا عَلَى شُرْبِ قُدَامَةَ لِلْخَمْرِ، وَكَانَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَهُ الْجَارُوْدُ الْعَبْدِي، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ فَسَأَلَهُ عَنْ أَمْرِ قُدَامَةَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ جَلَدَهُ فِيْ الْخَمْرِ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ الْبَيِّنَةَ، فَجَاءَ بِالشُّهُوْدِ، فَالْتَقَى عبد الله بن عُمَرَ بِالْجَارُوْدِ الْعَبْدِي، فَقَالَ لَهُ عبد الله بن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ: أَنْتَ الَّذِي شَهِدْتَ عَلَى خَالِي أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: إذاً لاَ تَجُوْزُ شَهَادَتُكَ عَلَيْهِ، فَغَضِبَ الْجَارُوْدُ وَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لأَجْلِدَنَّ خَالَكَ أَوْ لأُكَفِّرَنَّ أَبَاكَ،