[الباب السابع عشر] في ذكر القضاة والقضايا
  فَدَخَلُوا عَلَى عُمَرَ، فَشَهِدُوا أَنَّهُ ضَرَبَهُ فِيْ الْخَمْرِ، قَالَ قُدَامَةُ: إِنِّي أَنَا لَيْسَ عَلَيَّ فِيْ الْخَمْرِ حَرَجٌ، أَنَا مِنَ الَّذِيْنَ قَالَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[المائدة: ٩٣] قَالَ: وَكَانَ بَدْرِيًّا فَفَزِعَ عُمَرُ مِمَّا قَالَهُ قُدَامَةُ، فَبَعَثَ إِلَى عَلِيِّ بن أَبِي طَالِبٍ # فَقَالَ: أَلاَ تَسْمَعُ إِلَى مَا يَقُوْلُ قُدَامَةُ؟ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَرَأَ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ #: (إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ الْخَمْرَ شَكَا الْمُؤْمِنُونَ إِلَى النبي ÷ فَقَالُوا: كَيْفَ بِآبَائِنَا وَإِخْوَانِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَقُتِلُوا وَهُمْ يَشْرَبُونَهَا؟، وَكَيْفَ بِصَلاَتِنَا الَّتِي صَلَّيْنَا وَنَحْنُ نَشْرَبُهَا؟ هَلْ قَبِلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْهُمْ أَمْ لاَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[المائدة: ٩٣]، فَكَانَ ذَلِكَ مَعْذِرَةً لِلْمَاضِينَ وَحُجَّةً عَلَى الْبَاقِينَ، يَا عُمَرُ، إِنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ إِذَا شَرِبَهَا انْتَشَى، وَإِذَا انْتَشَى هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، فَأَقِمْ حَدَّهَا حَدَّ فِرْيَةٍ، وَحَدُّ الْفِرْيَةِ ثَمَانُونَ).
  (٣٥٥) وَقَالَ يَحْيَى #: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوبَكْرِ بن أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ حُسَيْنِ بن عبد الله بن ضُمَيْرَةَ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ # أَنَّهُ كَانَ يَجْلِدُ فِيْمَا أَسْكَرَ كَثِيْرُهُ كَمَا يَجْلِدُ فِيْمَا أَسْكَرَ قَلِيْلُهُ.
  (٣٥٦) وَبِإِسْناَدِهِ عَنْ رَسُوْلِ اللَّهِ ÷ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَالذَّوْقُ مِنْهُ حَرَامٌ».
  (٣٥٧) وَقَالَ يَحْيَى #: وَقَدْ أَقَامَ عَلِيُّ بن أَبِي طَالِبٍ حَدَّ الْخَمْرِ عَلَى الْوَلِيْدِ بن عُقَبْةَ فِيْ وِلاَيَةِ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ وَلَمْ يَرَ طَرْحَهُ، فَوَلِيَ ذَلِكَ بِيَدِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُقِيْمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ فَلْيُقِمْ، فَأَمَّا أَنَا فَلاَ آمُرُ بِهِ، فَقَالَ