[الباب السابع عشر] في ذكر القضاة والقضايا
  أَمِيْرُ الْمُؤْمِنِيْنَ #: (وَاللَّهِ لاَ يُعَطَّلُ لِلَّهِ حَدٌّ وَأَنَا فِي الإِسْلاَمِ، ثُمَّ قَامَ فَضَرَبَهُ بِيَدِهِ ثَمَانِيْنَ، وَكَانَ ذَلِكَ الْحَدُّ مُتَقَادماً، وَذَلِكَ أَنَّهُ شَرِبَ بِالْكُوْفَةِ)، وَيُقَالُ: أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ أَرْبَعاً، وَقَاءَ الْخَمْرَ فِيْ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ: أَزِيْدُكُمْ؟ فَشَهِدُوْا عَلَيْهِ بِالشُّرْبِ وَرُفِعَ خَبَرُهُ إِلَى عُثْمَانَ، وَأَمَرَ بِرَفْعِهِ إِلَيْهِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا قَدْ شَرَحْنَاهُ.
  (٣٥٨) وَبِإِسْناَدِهِ عَنْ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِيْنَ # أَنَّهُ قَالَ: (ثَلاَثٌ مَا فَعَلْتُهُنَّ قَط، وَلاَ أَفْعَلُهُنَّ أَبَداً: مَا عَبَدتُّ وَثَناً قَط؛ وَذَلِكَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ لأَعْبُدَ مَا لاَ يَضُرُّنِي وَلاَ يَنْفَعُنِي، وَلاَ زَنَيْتُ قَط؛ وَذَلِكَ أَنِّي أَكْرَهُ فِي حُرْمَةِ غَيْرِي مَا أَكْرَهُ فِي حُرْمَتِي، وَلاَ شَرِبْتُ خَمْراً قَط؛ وَذَلِكَ أَنِّي لِمَا يَزِيدُ فِي عَقْلِي أَحْوَجُ مِنِّي إِلَى مَا يَنْقُصُ مِنْهُ).
  (٣٥٩) وَقَالَ يَحْيَى #: حَدَّثَنِي عَمِّي الْحَسَنُ بن الْقَاسِمِ # قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ بِإِسْناَدِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ ÷ أَنَّهُ أَتَاهُ دَيْلَمُ الْحِمْيَرِيُّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ: يَارَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضٍ بَارِدَةٍ نُعَالِجُ فِيهَا عَمَلاً شَدِيداً، وَإِنَّا نَتَّخِذُ شَرَاباً مِنْ هَذَا الْقَمْحِ نَتَقَوَّى بِهِ عَلَى أَعْمَالِنَا وَعَلَى بَرْدِ بِلاَدِنَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ÷: «هَلْ يُسْكِرُ؟» فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: «اجْتَنِبُوهُ»، قَالَ الْحِمْيَرِيُّ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: «هَلْ يُسْكِرُ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَاجْتَنِبُوهُ»، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ غَيْرَ تَارِكِيهِ، فَقَالَ: «إِن لَمْ يَتْرُكُوهُ فَاقْتُلُوهُمْ».
  (٣٦٠) قَالَ يَحْيَى بن الْحُسَيْنِ: هَذَا الْحَدِيْثُ مُوَافِقٌ لأَخْبَارِ النَّبِيِّ ÷ فَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِيْ رَجُلٍ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنْ عَادَ فَاقْتُلُوهُ»، قَالَ: فَعَادَ، فَأَمَرَ بِجَلْدِهِ ثَمَانِينَ ضَرْبَةً، فَدَلَّ اخْتِلاَفُ أَمْرِهِ فِيهِ أَوَّلاً وَفِعْلِهِ فِيهِ آخِراً عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَحْدَثَ لَهُ فِيهِ أَمْراً.