[الباب العشرون] في السير
  · قَالَ يَحْيَى #: نَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ اللَّهُ قَدْ قَرَّبَ ذَلِكَ وَأَدْنَاهُ وَذَلِكَ أَنَّا نَرَى الْمُنْكَرَ قَدْ ظَهَرَ، وَالْحَقَّ قَدْ دَرَسَ وَغُيِّرَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}[الشرح: ٥] وَقَالَ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}[يوسف: ١١٠].
  (٣٩٢) وَقَالَ رَسُوْلُ اللَّهِ ÷: «اشْتَدِّي أَزْمَةُ تَنْفَرِجِي».
  (٣٩٣) وَقَالَ رَسُوْلُ اللَّهِ ÷: «لأَنْ أَكُونَ فِي شِدَّةٍ أَنْتَظِرُ رَخَاءً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ فِي رَخَاءٍ أَنْتَظِرُ الشِّدَّةَ».
  وَكَأَنِّي بِالْفَرَجِ قَدْ أَقْبَلَ، وَبِالنَّعِيْمِ قَدْ أَظَلَّ، وَبِالنَّصْرِ قَدْ نَزَلَ، فَقَدْ تَرَاكَمَتِ الْفِتَنُ وَجَلَّ مَا نَحْنُ فِيْهِ مِنْ تَعْطِيْلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَنِ، وَظُهُوْرِ السَّفَّاحِ، وَخُمُوْلِ النِّكَاحِ، وَظُهُوْرِ الرُّوَيْبِضَةِ مِنَ النَّاسِ، وَشُرْبِ الْخُمُوْرِ، وَارْتِكَابِ الشُّرُوْرِ، وَأَكْلِ الرِّبَا، وَقُبُوْلِ الرُّشَا، وَالْجَرْيِ فِيْ مِيْدَانِ الْهَوَاءِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ، وَتَهَيُّجِ الشَّيَطْانِ، وَتَرْكِ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوْفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، كَمَا قَدْ نَرَى وَنَنْظُرُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِيْ دَهْرِنَا هَذَا الَّذِي أَخَّرْنَا لَهُ وَأُبْقِينَا إِلَيْهِ، فَكَأَنِّي بِيَعْسُوْبِ الدِّيْنِ قَدْ ضَرَبَ بِذَنْبِهِ وَجَأَرَ إِلَى رَبِّهِ، فَأَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَهُ، وَرَحِمَ فَاقَتَهُ، وَكَشَفَ غُمَّتَهُ وَأَنْزَلَ نُصْرَتَهُ وَأَظْهَرَ حُكْمَهُ، وَانْتَعَشَهُ بَعْدَ هَلاَكِهِ، وَأَحْيَاهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَقَوَّاهُ بَعْدَ ضَعْفِهِ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ، فَيُظْهِرَهُ فِيْ بَعْضِ أَرْضِهِ، وَيُقِيْمَ بِهِ عَمُودَ الدِّينِ، وَيُعِزَّ الْمُسْلِمِيْنَ، وَيَقْتُلَ الْكَافِرِينَ، وَيُذِلَّ الفَاسِقِيْنَ، وَيَحْكُمَ بِكِتَابِ رَبِّ الْعَالِمِيْنَ، يُمَكِّنَ اللَّهُ لَهُ فِيْ أَرْضِهِ وَطَأْتَهُ، وَيُظْهِرَ كَلِمَتَهُ، وَيُعِزَّ دَعْوَتَهُ، وَيُشْبِعَ بِهِ البُطُوْنَ الْجَائِعَةَ، وَيَكْسُوَ بِهِ الظُّهُوْرَ الْعَارِيَةَ، وَيُقَوِّيَ بِهِ ضَعْفَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَيُزِيْلَ بِهِ ظُلْمَ الظَّالِمِينَ، وَيَرُدَّ بِهِ الظُّلاَمَاتِ، وَيُنفِيَ بِهِ الفَاحِشَاتِ، وَيُطْفِي بِهِ نَارَ الْفِسْقِ، وَيُعْلِنَ بِهِ نُوْرَ الْحَقِّ، وَيُؤَيِّدَهُ بِالنَّصْرِ، وَيَنْصُرَهُ بِالرُّعْبِ، وَيُعِزَّ أَوْلِيَاءَهُ، وَيُذِلَّ أَعْدَاءَهُ، فَكُلَّ مَا مَلَكَ بَلَداً مِنَ الأَرْضِ دَعَاهُ الْغَضَبُ لِرَبِّهِ إِلَى طَلَبِ غَيْرِهِ حَتَّى يَمْلِكَ الْبِلاَدَ كُلَّهَا وَيَطَأُ الأُمَمَ بِأَسْرِهَا بِعَوْنِ اللَّهِ وَتَوْفِيْقِهِ وَنَصْرِهِ وَتَأْيِيدِهِ، فَيَمْلأَ