صفته # وذكر علمه
  فَأَمَّا عِلْمُهُ فَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ يُوْصَفَ، وَحُكِيَ عَنْ وَلَدِهِ مُحَمَّدِ بن يَحْيَى أَنَّ يَحْيَى بن الْحُسَيْنِ بَلَغَ دَرَجَةَ الاِجْتِهَادِ وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَوُجِدَتْ فِيْ بَعْضِ كُتُبِ الْحَسَنِ بن عَلِيِّ بن مُحَمَّدِ بن أَبِي النَّجْمِ | وَغَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ كَلاَماً يَقُوْلُ فِيْهِ: لاَ أَعْلَمُ أَبْلَغَ مِنَ الْهَادِي إِلَى الْحَقِّ # فِيْ بَرَاعَتِهِ وَعِلْمِهِ وَعَمَلِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَحُسْنِ نَظَرِهِ، وَسِيْرَتِهِ، وَمَا كَانَ يَأْخُذُ بِهِ نَفْسَهُ وَأَصْحَابَهُ مِنَ التَّحَفُّظِ وَالْوَرَعِ وَالاجْتِهَادِ.
  وَلَسْتُ أَشْرَحُ شَيْئاً، وَهُوَ أَنْوَرُ مِنَ الشَّمْسِ، وَأَبْعَدُ مِنَ الشُّبْهَةِ وَاللَّبْسِ، وَإِنَّمَا تَبَيَّنَ لَنَا ذَلِكَ مِنْهُ لِطُوْلِ الْمُدَّةِ الَّتِي أَقَامَهَا.
  أَقَامَ فِيْ وَطَنِنَا هَذَا إِلَى أَنْ تُوُفِّي # سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، فَشَهَرَ دَعْوَتَهُ، وَنَشَرَ رَايَتَهُ، وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنَّا خَيْراً.
  وَكَانَ # يَقُوْلُ: أَيْنَ الرَّاغِبُ، وَأَيْنَ مَنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ؟ إِنَّمَا يُحِبُّنَا مُجَاهِدٌ رَاغِبٌ فِيْ فَضْلِهِ مُتَحَرَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ، وَلَعَمْرِي أَنَّهُ لأَكْبَرُ فُرُوْضِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ وَأَحَقُّ مَا يَجِبُ تَقْدِيْمَهُ، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ رَغْبَةٌ فِيْ الْعِلْمِ وَبَحَثَ عَنْهُ لَصَادَفُوا مِنْ يَحْيَى بن الْحُسَيْنِ عِلْماً جَمًّا.
  وَرَوَى سَلِيْمُ الْمَوْلَى الْمُتَوَلِّي لِخِدْمَةِ يَحْيَى بن الْحُسَيْنِ فِيْ دَارِهِ، قَالَ: كُنْتُ أَتْبَعُهُ حِيْنَ يَأْخُذُ النَّاسُ فَرْشَهُمْ بِالْمِصْبَاحِ فِيْ أَكْثَرِ لِيَالِيْهِ إِلَى بَيْتٍ صَغِيْرٍ يَأْوِي إِلَيْهِ فَإِذَا دَخَلَهُ صَرَفَنِي فَأَنْصَرِفُ.
  فَهَجَسَ قَلْبِي لَيْلَةً أَنْ أَبِيْتَ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ؟ قَالَ: فَسِهِرَ # اللَّيْلَ أَجْمَعَ رُكُوْعاً وَسُجُوداً، وَكُنْتُ أَسْمَعُ وَقْعَ دُمُوْعِهِ وَنَشِيْجاً فِيْ حَلْقِهِ، فَلَمَّا كَانَ الصُّبْحُ قُمْتُ، فَسَمِعَ حِسِّي، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا، فَقَالَ: سَلِيْمُ، مَا