[الباب الثامن] في ذكر الحج وهو يشتمل على صفة حج إبراهيم الخليل ومحمد المصطفى صلى الله عليهما وعلى آلهما وسلم
  بِالنَّاسِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ الآخِرَةَ بِمُزْدَلِفَةَ، فَيُقَالُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: إِنَّهَا سُمِّيَتْ مُزْدَلِفَةَ لازْدِلاَفِ النَّاسِ مِنْهَا إِلَى مِنًى، وَإِنَّما سُمِيَّ مَوْضِعُهَا جَمْعاً؛ لأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ بِهَا، ثُمَّ نَهَضَ # حِيْنَ طَلَعَ الْفَجْرُ، فَوَقَفَ عَلَى الْمَشْعَرِ، ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ طُلُوْعِ الشَّمْسِ، فَرَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ مِنًى فَذَبَحَ وَحَلَقَ، وَصَنَعَ مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ، وَأَرَى النَّاسَ مَنَاسِكَهُمْ، وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُوْنَ مَعَهُ وَبَعْدَهُ.
  · فَهَذِهِ صِفَةُ حَجِّ إِبْرَاهِيمَ #.
  · وَأَمَّا صِفَةُ حَجِّ مُحَمَّدٍ فَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بن الْحُسَيْنِ مُتَفَرِّقاً عَلَى حَسَبِ مَا أَمْلاَهُ مِنَ الْمَسَائِلِ فِيْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ، فَأَحْببْتُ أَنْ أُسْرِدَ الْحَدِيْثَ عَلَى نَسَقِهِ فِيْ صِفَةِ حَجِّ رَسُوْلِ اللَّهِ ÷.
  (١٩٠) حَدَّثَنَا الْقَاضِي الأَجَلُّ رُكْنُ الدِّيْنِ عَطِيَّةُ بن مُحَمَّدِ بن حَمْزَةَ بن أَبِي النَّجْمِ
  - أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، عَنْ وَالِدِهِ ¥ بِإِسْناَدِهِ إِلَى جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بن عَبْدِاللَّهِ فَسَأَلَ عَنِ الْقَوْمِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدُ بن عَلِيِّ بن الْحُسَيْنِ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى ذُؤَابَتِي، فَنَزَعَ زِرِّيَ الأَعْلَى، ثُمَّ نَزَعَ زِرِّيَ الأَسْفَلَ، ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلاَمٌ شَابٌّ، فَقَالَ: مَرْحَباً يَا ابْنَ أَخِي، فَسَلْ عَمَّا شِئْتَ، فَسَأَلْتُهُ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ أَعْمَى، وَجَاءَ وَقْتُ الصَّلاَةِ فَقَامَ فِيْ نِسَاجَةٍ مُلْتَحِفاً بِهَا، كُلَّمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ، مَوْضُوعٌ عَلَى الْمَشْجَبِ، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حِجَّةِ رَسُوْلِ اللَّهِ ÷ فَعَقَدَ بِيَدِهِ تِسْعاً فَقَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللَّهِ ÷ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُج، ثُمَّ أذَنَ فِيْ الْعَاشِرَةِ، فَقَدِمَ الْمَدِيْنَةَ بَشَرٌ كَثِيْرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأَتْمَّ بِرَسُوْلِ اللَّهِ ÷ وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ. فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا ذَا